بالرغم من الظروف التي يمر بها بلدنا العزيز وتفشي جائحة فيروس كورونا وفي ضل توجيهات الجامعة في ‏القاء ‏المحاضرات عبر المنصة الالكترونية ‏القى الدكتور غانم عودة شرهان الحسيني التدريسي في مركز احياء التراث العلمي العربي / جامعة بغداد وباشراف مباشر من ‏رئيس ‏المركز الاستاذ الدكتور مجيد مخلف طراد سمنار ‏بعنوان (افاق ‏توحيد المصطلحات التعليمية بين دوائر المعرفة الانسانية والاجتماعية‏) يوم الخميس الموافق 25/6/2020‏ معرفاً المصطلح .. لغة واصطلاحا من المؤكد ان (( المصطلح)) مصدر ميمي للفعل ” اصطلح” ( مبني على وزن المضارع المجهول ” يصطلح” بابدال حرف المضارعة ميما مضمومة) ، ورد فعله الماضي( اصطلح) على صيغة ( ‏افتعل) ، بمعنى ان اصله هو ( اصتلح) .‏
ومعلوم ان العربية في حال وقوع تاء( افتعل) بعد صاد ( كما هي الحال هنا) او ضاد او طاء او ظاء، تجنح الى قلب مثل تلك الحروف طاء ( اصطبر، اضطرب، اطرد، …).‏
ولعل السر الصوتي في هذا الإبدال ( قياسا على ما فعل الدكتور ابراهيم أنيس بصيغة” اصطبر” من الفعل ” صبر” يمكن في ان صيغة ( اصتلح) المطاوعة تبرز لنا مجاورة شديدة بين صوتي التاء ‏والصاد المتفقين في صفة الهمس ، المختلفين في صفات اخرى ( الصاد مطبقة وكثيرة الرخاوة ، والتاء صوت شديد وغير مطبق) ، فإن الصوت المجاور له ( التاء) يتأثر به تأثرا تقدميا( تأثر الثاني ‏بالاول) ؛ حيث تقلب التاء الى نظيرها المطبق الذي هو الطاء الحديثة.‏
ينحدر ” المصطلح ” – كما وضحنا- من الجذر اللغوي( صلح) ، وقد ورد في ( مقاييس) ابن فارس ان ” الصاد واللام والحاء اصل واحد يدل على خلاف الفساد..” كما ورد في ( اللسان) ان ” الصلاح” ‏‏: ضد الفساد ( …) والصلح :السلم ، وقد اصطلحوا وصالحوا واصطلحوا واصالحوا” اما (المعجم الوسيط) فيضيف: صلح، صلاحا، وصلوحا: زال عنه الفساد( …) اصطلح القوم: زال مابينهم من ‏خلاف . و- على الأمر : تعارفوا عليه واتفقوا…‏
الاصطلاح: مصدر اصطلح( …) اتفاق طائفة على شيء مخصوص
ويعرفه الجرجاني:” الاصطلاح عبارة عن اتفاق قوم على تسمية الشيء باسم ما ينقل عن موضعه الأول ، وإخراج اللفظ من معنى لغوي الى اخر، لمناسبة بينهما. وقيل : الأصطلاح لفظ معين بين ‏معينين”‏
والاصطلاح هو إخراج اللفظ عن معناه الأصلي اللغوي الى معنى آخر اصطلح عليه الناس او جمهرة منهم لبيان المراد ، وقد يكون بين المعنيين تقارب في المعنى وقد لايكون، وقيل الاصطلاح لفظ ‏معين تواضع عليه قوم معنيون اختصارا لما يتحدثون ويتعاملون . ولكل موضوع وحرفة اصطلاح.‏
ويتجه علماء( علم المصطلح) الى تحديد ادق لمعنى المصطلح ، فهو عندهم مفهوم مفرد او عبارة مركبة استقر معناها وحدد استعمالها بوضوح تام، وهو تعبير خاص ضيق في دلالته المتخصصة – ‏يتفق عليه علماء علم من العلوم او فن من الفنون – ‏
وواضح الى اكبر درجة ممكنة ، ويرد دائما في سياق النظام الخاص بمصطلحات علم محدد.‏
وهكذا تتحدد الدلالتان المعجمية والاصطلاحية في كلمة( مصطلح) او ( اصطلاح) لتغدو اتفاقا لغويا طارئا بين طائفة مخصوصة على امر مخصوص في ميدان خاص.‏
أما اللغات الاوروبية فتصطنع لهذا المفهوم كلمات متقاربة النطق والرسم ، من طراز(‏Terme‏) الفرنسية، ( ‏term‏) الانكليزية، و( ‏Termine‏) الايطاليةو( ‏T ermio‏) والاسبانية و( ‏Termo‏) ‏البرتغالية، وكلها مشتقة من الكلمة اللاتينية( ‏terminus‏) بمعنى الحد او المدى او النهاية.‏

المصطلح وضعه وتوحيده:‏
للمصطلح أهمية كبرى في حياة اللغات وتوحيده في الاستعمال يزيده اهمية ويضعف من البلبلة اللسانية في الاستعمال ثم الفهم على نطاق الدلالة ولا يتحقق هذا الامن خلال التخطيط اللغوي وقرار ‏السياسة اللغوية الموحدة على نطاق الوطن العربي كما هو معمول به في لغات متقدمة كالفرنسية حيث تكون (( جمعية التنميط اللغوي الفرنسية( ‏AfNoR‏) تقوم بوضع المصطلحات وتوحيدها))‏
ان انعدام التخطيط في الوطن العربي انعكس على الاستعمال اللغوي للمصطلحات الحديثة خاصة ؛ لذا نلاحظ الفوضى المصطلحية – ان صح التعبير- ‏
تعم العربية في اقطارها العربية فتكثر التسميات للمسمى الواحد ويحدث الاختلاط ، واذكر مثلا لذلك: علم اللغة وفقه اللغة واللسانيات والالسنية تستعمل في كثير من الاحيان لدلالة واحدة وكذا الهيكلية ‏والبنيوية والبنائية وخذ ايضا المصطلحات الموضوعة او المعربة في مجال اللغة والادب والنقد الادبي والعلوم على اختلافها فضلا عن المصطلحات في ألقاب الشهادات العلمية الجامعية والعليا. كل ‏ذلك ناتج عن غياب التخطيط وكثيرا ما ارتفعت دعوات من اللغويين في الشام والعراق ومصر والمغرب العربي لان يعهد امر المصطلح الى لجان متخصصة تنبثق من المجامع والمؤسسات اللغوية ‏بالتعاون مع ممتب التنسيق بعد الاتفاق على مناهج وضع المصطلح او تعريبه ثم اشاعته لتكون النتائج مثمرة لغويا في كمية المصطلحات المنتجة ودلالتها الموحدة في نوعها المناسب للاستعمال.‏
ان قضية المصطلح اللغوي ينبغي لها ان لا تخضع لرؤية فردية او حزبية او قطرية والخلافات في توحيد المصطلح اوصلت المناقشات في الاجتماعات اللغوية احيانا الى درجة تفضيل مناقشة ‏البحوث العربية في ندوات بغير العربية تجنبا للخلافات والجدل في الدعوة الى تعديل المصطلحات الثابتة، (( وشغلت مجلة اللسانيات بالدفاع عن اسمها والهجوم على مصطلح علم اللغة وعلى ‏المصطلحات المستقرة في مصر والعراق منذ ثلاثة اجيال وشغل بعض اللغويين بالدفاع عن المصطلحات القليلة التي وضعوها ، وكان هذا الموقف من العوامل التي جعلت حركة الترجمة الى اللغة ‏العربية في علوم اللغة تتوقف عدة سنوات))‏
المشكلة القائمة في مجال التعريب والتي تشير الى تقصير المؤسسات اللغوية ‏
من جهة وانعدام التخطيط اللغوي من جهة اخرى تتعلق في وقت وضع المصطلح وعدم اتخاذ الوسائل الفعالة لاشاعته قبل ان يشيع على ألسن الناس والدارسين فنجد اسماء الالات والمستتحدثات ‏الاجنبية او المصطلحات العلمية او الادبية والنقدية تقترح لها ‏
مقابلات بعد شيوعها وما يقترح من مقابلات تكون احيانا متعددة غير موحدة او لاتفي بالغرض فتحدث البلبلة او التندر احيانا ببعضها الاخر. من ذلك الاسماء الاتية: ( المرناة) للتلفزيون و ( الخيالة) ‏للسينما و( الطارمة) للكشك و( المذياع) للراديو و( الهاتف) للتلفون وغيرها قد وضعت بعد شيوع اسمائها الاجنبية. ومما يحمد ان جملة مصطلحات وضعت قد أخذت تستقر على الألسن وتطرد ‏الاجنبي مثل شيوع السيارة بدلا من ( الاوتومبيل او الكار)‏
وهناك في جنوبنا الحبيب العراق الكثير من المصطلحات التى اشعر بها وكأنها
ليست بعربية مثلا في محافظة العمارة يردد على لسانهم كلمة ( محط) بمعنى السوق وكذلك كلمة مدام والتي تعني اللعابة التى تلعب بها البنات الصغار، وكثير من المصطلحات حقيقة لايتسع الوقت ‏لذكرها.‏
وفي نهاية هذا الملخص اود ان اتقدم بالشكر والعرفان لمركز احياء التراث العلمي العربي لتقديم هذا الموجز للقراء الكرام واخص بالذكر استاذنا الدكتور مجيد مخلف طراد مدير المركز المحترم وكل ‏العاملين فيه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

RashcAuthor posts

Avatar for rashc

مركز احياء التراث العلمي العربي مركز يعنى بالتراث العربي

No comment

اترك تعليقاً