مقالة… ( أصل الارقام العربية)

     لاحظت ومع شديد الأسف في الاونه الاخيرة ان عدد لايستهان به من القارئين وحتى بعض المثقفين يستنكر كتابة الارقام بصيغتها (0 1 2 3 4 5 6 7 8 9) ويطالبون بكتابتها بالصيغة (۰ ۱ ۲ ۳ ٤ ٥ ٦ ٧ ۸ ۹) لذلك ومن باب التوعية والحرص الشديد على اصل الارقام العربية اكتب هذه المقالة عسى ان تنفع الجميع . 

الأرقام العربية:

     هي رموز مستخدمة للتعبير عن الأرقام العددية. وتعتبر الأرقام العربية الأكثر استخداماً في معظم دول العالم وكذلك في انظمة الحاسبات الشخصية (الكومبيوتر) وتعتمدها باسم الارقام العربية ، مع العلم أن العرب في الشرق الأوسط حاليا يستخدمون الأرقام الهندية (۰ ۱ ۲ ۳ ٤ ٥ ٦ ٧ ۸ ۹). أما عرب شمال أفريقيا فيستعملون الأرقام العربية (0 1 2 3 4 5 6 7 8 9).

أرقام أخرى:

     عرفت الحضارة العربية سلسلة أخرى للأرقام في مشرقها لا تزال حاضرة في بعض الدول الإسلامية مثل المشرق العربي وإيران وباكستان وهي الأرقام الهندية ۰-۱-۲-۳-٤-٥-٦–٧-۸–۹.

أصل الأرقام العربية:

     أرجح الآراء هو أن الأرقام العربية وضعها صانع زجاج مغربي . أعطى للأرقام التسعة شكلا يتعلق بعدد الزوايا في رسم كل منها: زاوية للرقم 1 زاويتين للرقم 2 وهكذا ، وقد أثبتت دراسة حديثا هذا الطرح . فإذا كتبنا الأرقام حسب عدد الزوايا مع أن الصفر دائرة غير مزواة:

وبعد أن بقيت التسعة والصفر كما هما، ودورنا الثمانية والستة والخمسة والأربعة والثلاثة والواحد، وقلبنا الرقم اثنان والرقم سبعة. حصلنا على الشكل التالي:

وبإيصال بعض هذه الأشكال بعضها ببعض، دون تغيير في الترتيب، نحصل على الشكل:

وهذه جملة عربية مكتوبة  بالخط الكوفي (ويطلق هذا الاسم على كل الخطوط التي تميل إلى التربيع والهندسة)، وهي: وهدَفي حسابْ ، مع أن السكون هو الصفر.

بالرجوع إلى جدول حساب الجمل نجد أن سبعة من حروف الجملة “وهدَفي حسابْ” هي آحاد في الجدول، وهو أمر يستحيل حدوثه بالصدفة ، وبما أن حساب الجمل كان يستخدم غالبا لتدوين تاريخ الأحداث، فإن مجموع قيم “وهدَفي حسابْ” هو التاريخ الذي وضعت فيه هذه الأرقام: 6+5+4+80+10+8+60+2+1 وهو 176. 176 بالتقويم الهجري (792 بالتقويم الميلادي) تاريخ جد ملائم لوضع هذه الأرقام.

الأرقام والسياسة:

     يعتقد البعض أن الأرقام العربية اقتبست من الأرقام الهندية لتأخذ شكلها الحالي في 176هـ كان العالم الإسلامي قد شهد انفصال الأندلس والمغرب الأقصى والأوسط عن الخلافة العباسية ، الأمويين في الأندلس، والأدارسة في المغرب، ولو أن الأرقام العربية خرجت من المشرق لم يضر الدولتين شيئا في أن يتبعان الخلافة العباسية في ذلك ، لكنه إذا كان العكس وهو خروج الأرقام من المغرب فلا يمكن للخلافة أن تتبع الدولتين، لذلك اتخذت الخلافة العباسية سلسلة أخرى للأرقام ، وبقيت هذه الأرقام في المغرب تجدها في المخطوطات ومنقوشة على الخشب الذي يزين المساجد والمدارس العتيقة. كما أن الخط المغربي كان في العهد الإدريسي كوفيا. وتلك الفترة كانت المخاض لتأسيس إحدى أقدم الجامعات في العالم ( جامعة القرويين ) التي تعتبرها موسوعة جينيس للأرقام القياسية أقدم المؤسسات التعليمية الموجودة في العالم. وأيضا الأرقام العربية الهندية، أرقام عباسية ، لأن البعض يرى بأن الأرقام العربية استعملت في مصر في القرن الثالث الهجري، وهذا بعد تراجع نفوذ الخلافة العباسية في هذا القطر .

انتقال الأرقام العربية إلى أوروبا:

     درس البابا سيلفيستر الثاني في الأندلس وأدخل الأرقام العربية إلى أوروبا فمن أجل ذلك يطلق عليه أحيانا بابا الأرقام ، وكانت أوروبا حينها تستعمل الأرقام الرومانية التي لا تساعد على إنجاز أبسط العمليات الحسابية. وقد وجد سيلفيستير الثاني صعوبة في إدخال الأرقام العربية إلى أوروبا، فالكتاب اعتقادا منهم بتفوق الثقافة الرومانية واليونانية على كل الثقافات، ولم يكونوا مستعدين لتقبل أهمية الصفر ولا الأرقام العربية ، فقد كانوا يعتبرون كل الحضارات الأخرى متخلفة (barbarian civilization )، لذلك قام جيربير (سيلفيستر الثاني) باختراع لوح أباكوس جديد سمي  أباكوس جيربير وهو لوح مطور عن اللوح أباكوس الروماني وأكثر فاعلية، استعمل فيه الأرقام العربية دون الصفر، لذلك تجد الصفر غير ظاهر في مخطوطات القرن العاشر والحادي عشر الميلادي . أقدم مخطوطة أوربية مؤَرَّخة تحتوي على أرقام عربية، هي مخطوطة (فجيليانس) . وقد كُتِبت في الأندلس في شمال إسبانيا في سنة 976م. وهي محفوظة اليوم في مكتبة مدريد. ولا تحوي على الصفر.

المصادر:

1. نظريات حول أصل الأرقام العربية.
2. المكتبة المركزية للمخطوطات الإسلامية.
3. بابا الأرقام.

4. ويكيبيديا، الموسوعة الحرة.