بالرغم من الظروف التي يمر بها بلدنا العزيز وتفشي جائحة فيروس كورنا وفي ضل توجيهات الجامعة في القاء المحاضرات عبر المنصة الالكترونية
القت الدكتورة سندس زيدان خلف التدريسية في مركز احياء التراث العلمي العربي / جامعة بغداد وباشراف مباشر من رئيس المركز الاستاذ الدكتور مجيد مخلف طراد محاضرة بعنوان (المدرسة الداودية) يوم الثلاثاء الموافق 2/6/2020
متحدثة عن حضارات العراق على مر العصور بالمدارس الدينية والتي كادت أن تكون ظاهرة عراقية قديمة ميزتها عن بقية الحضارات الأخرى،فامتزجت الثقافة العامة مع ثقافة المعبد منذ أقدم الأزمنة ،وتعززت تلك الفكرة مع مجيء الحضارة الإسلامية في المراحل اللاحقة ولكن بمضامين جديدة أخرى وان حافظت على الشكل الأول للتعليم (الديني)،فقد استمرت الحركة الفكرية في القرون الهجرية الأربعة الأولى تتخذ من المساجد والجوامع مراكز لإشعاعها وأصبحت بذلك بديلا عن المعبد بصيغته القديمة وأضافت له أشكالا جديدة أخرى كالبيوت والأسواق لتكون أطراً أخرى،إذ كان العالم (المعلم) يجلس فيقصده المعنيون بعلمه ليستفيدوا منه ويستزيدونه بسؤالهم له،استمرت الحال على ما هي علية في المراحل اللاحقة ، فكانت المدارس الدينية في العهد العثماني المتأخر امتداد للمدارس الدينية في العصور الإسلامية السابقة.
إلا إن هذا لا يعني عدم وجود مدارس رسمية أو أشكال أخرى من التعلم فمع تطور الزمن أولى الولاة العثمانيون اهتماما بارزا لإنشاء مدارس الأقليات الدينية ، كمدرسة الآباء الكرمليين سنة1721م،المدرسة الكلدانية 1843م…، وقدم مدحت باشا على افتتاح عدد من المدارس الرسمية كالمدرسة الراشدية المدنية ،المدرسة الراشدية العسكرية، مدرسة الفنون والصنائع… رافقه اهتمام واضح بإنشاء عدد من المدارس الدينية ،فقد انشأ داود باشا المدرسة الداودية بعد ان فرغ من تعمير وبناء جامع الحيدر خانة سنة 1839م/1242هـ .
اهتمت المدرسة الداودية بتدريس العلوم العقلية و النقلية وكانت حافلة بطلاب العلم و الأدباء والفضلاء من أهل بغداد.
يصف الآلوسي المدرسة بقولة :”…وقد بني فيه مدرسة تشتمل بيوتها من بساط الأرض إلى مناط السقوف على كتب كثيرة من تصانيف أعلام الأمة…” ثم يسهب في الوصف ويذكر إن هذا الجامع يحتوي على حجر يسكنها القائمون بشؤون المسجد من إمام وخطيب ومؤذن وخادم وبعض طلاب العلم.
نستنتج من ذلك إن المسجد لم يكن مجرد دار عبادة بل جامعة علمية متكاملة حتى انه يضم أقساما داخلية كما في عصرنا الحاضر.
اشتهرت هذه المدرسة ببروز عدد من علمائها ممن درسوا فيها أبرزهم:
أبو الهدى صفاء الدين عيسى بن جلال الدين البندنيجي ، عين أستاذا للمدرسة الداودية ومنح رتبة (رئيس المدرسين )،كان يدرس صباحا في المدرسة الداودية وفي المساء في التكية البندنيجية التي فوضت الية بعد وفاة الشيخ علي البندنيجي والد زوجته ،ويقيم فيها المجالس من رواد العلماء والفضلاء واعيان البلد ومن ولعه وحبة في العلم شيد مسجدا صغيرا في التكية سرعان ما تحول إلى مدرسة علمية يدرس فيها العلوم النقلية والعقلية وذاع صيتها بين الناس.
تخرج على يديه خلق كثير منهم :عبد الرحمن بن علي الكيلاني النقيب (نقيب الأشراف القادرية) ،العلامة نعمان خير الدين بن محمود الآلوسي ،الشيخ عبد السلام الشواف ،…وعدد غير قليل من علماء هذه الحقبة .
توفي سنة 1866م/1283هـ ،دفن في التكية القادرية البندنيجية ببغداد ، وممن درس فيها: عبد الرحمن بن علي بن سلمان القادري الكيلاني ، الشيخ قاسم بن الملا محمد الطائي البغدادي، الشيخ عبد المحسن الطائي
No comment