صدر للأستاذ المساعد الدكتورة وسن حسين محيميد التدريسية في مركز احياء التراث العلمي العربي /قسم المخطوطات / جامعة بغداد كتاب بعنوان: مكانة المراقد اليهودية في المجتمع العراقي(دراسة تأريخية ) /مراجعة وتقديم:الأب البير هشام نعّوم
تحظى المراقد اليهودية في المجتمع العراقي بمكانةٍ مرموقة، وعلى الأخص تلك المنسوبة لأنبيائهم الذين خصّهم المسلمون بالقداسة والإجلال والتبرك بزيارتهم والعناية بمراقدهم، وبحسب النصوص التأريخية يعود قِدم وجود اليهود على أرض العراق إلى القرن السابع قبل الميلاد أي إلى عهد الإمبراطورية الآشورية عندما حرر الآشوريون فلسطين من اليهود في حملات متتالية ، وقد أخذت أعدادهم بالازدياد بشكلٍ كبير في العصر البابلي على أثر الحملة التي قادها نبوخذ نصر سنة 586 ق.م إلى فلسطين وقضائه على مملكة يهوذا. إذ نقل معه إلى بابل آلاف من اليهود أسكنهم إلى جوار المدن والقرى البابلية مما ساعدهم على التجمع في المنفى والاستمرار في ممارسة تقاليدهم وطقوسهم الدينية وتكوين مجتمعهم الخاص بهم .
كان من بين اليهود المسبيين إلى العراق بعضٌ من أنبيائهم الذين دونوا في أسفارهم الواردة في العهد القديم (التوراة) ما جرى لهم ولشعب إسرائيل في المنفى، وفي كتابنا عن المراقد اليهودية في العراق ومكانتها في المحيط الاجتماعي نركز في مراقد هؤلاء الأنبياء
القديمة منها والمستحدثة والشاخصة إلى يومنا هذا، التي تحتلُ قداسةً ليس فقط لدى اليهود إنما عند المسيحيين والمسلمين على حدٍ سواء فكلاهما يقرُ بهؤلاء الأنبياء ويجلونهم.
قسم الكتاب على مبحثين: الأول تناولنا فيه ذكر الأنبياء اليهود بحسب تسلسلهم في العهد القديم وهم يشوع بن نون (يوشع)، وعزرا (العُزير)، وحزقيال (ذو الكفل)، ودانيال، وعوبديا الذي ليس له ذكر حاليًا، ويونان (يونس)، وناحوم. وفيه تحدثنا عن شخصيات أولئك الأنبياء وأماكن قبورهم وما طرأ عليها من تغيرات، وشعائر اليهود وطقوسهم فيها.
فضلاً عن بعض المراقد الدينية التي تخص أنبياء أخرين لليهود وبعضُ صلحائهم، منها ما نال حظوةً عندهم ومنها ما لم يحظى باهتمامهم على الرغم من نسبتها إليهم والآخر منها محض افترائهم، وهي ما تضمنهُ مبحثنا الثاني المعنون بالمراقد المنسوبة إلى اليهود وهي مرقد شيت بن آدم، وبنيامين بن يعقوب، والنبي أيوب، والربي يهودا بن يتيرا، والرباني يوسي الجليلي أو جليلايا، والشيخ أسحاق الجاؤوني أو الغاؤوني التي ذكرناها حسب التسلسل التأريخي لأصحابها دون الخوض في تفصيلاتها
علمًا أن المصادر التاريخية تتفاوت في معلوماتها عن هذه المراقد وهو ما وضحناهُ في كتابنا. وقد وضعنا ملحقًا لصور بعض المراقد لم نعتمد فيها على ما متوافر في الشبكة المعلوماتية من صور عنها بل اعتمدنا على الصور التي التقطناها في زيارتنا لبعض المراقد وهي مرقد النبي يشوع بن نون (يوشع) ومرقد أحد صُلحاء اليهود وهو الشيخ إسحاق الجاؤوني أو الغاؤوني وكلاهما في بغداد لذلك تيسر لي زيارتهما والوقوف على آثارهما الشاخصة، فضلاً عن صورٍ لمراقد زارها أشخاصُ أكاديميين مهتمين بالتراث ورجال دين مسيحيين ارتادوا بعض هذه المراقد للزيارة والإطلاع على شواهدها وأطلالها وهما مرقدين الأول مرقد النبي حزقيال (الكفل) ومرقد النبي ناحوم. الالقوشي.
تتباهى الشعوب بمواريثها الحِضارية الشاخصة بأطلالها على ربوع أراضيها، ولنا أن نفخر بعراقنا الذي وطأت أرضهُ أقدامُ الأنبياء والصُلحاء ممن نشروا فيه رسالة السماء وغادروه، ومنهم من احتضنت أرضهُ رفاتِهم الطاهر، فسلامٌ عليهم يوم ولدوا ويوم ماتوا ويوم يُبعثون أحياءً.
No comment