بالرغم من الظروف التي يمر بها بلدنا العزيز وتفشي جائحة فيروس كورونا وفي ضل توجيهات الجامعة في القاء المحاضرات عبر المنصة الالكترونية
القت الاستاذ الدكتورة فاطمة زبار عنيزان التدريسية في مركز احياء التراث العلمي العربي / جامعة بغداد وباشراف مباشر من مدير المركز الاستاذ الدكتور رياض سعيد لطيف سمنار بعنوان ( منهج البيروني ((ت440هـ)) في حساب المثلثات من خلال كتابه القانون المسعودي) يوم الاثنين الموافق 7/9/2020
يأخذ هذا النوع من الدراسات أهميته في مجال الدراسات التاريخية كونه يمثل جانب هام لدراسة الإرث الحضاري للأمة العربية الإسلامية،وعلم الرياضيات ولاسيما علم الهندسة الذي يشكل فرع من فروعه المهمة وحظي بعناية علمائنا الذين اظهروا اغلب جوانبه النظرية والعلمية في مؤلفاتهم وأبحاثهم ، يعد البيروني من ابرز علمائنا الذين أعطوا هذا العلم أهمية كبيره و تناوله في اغلب مؤلفاته بالبحث والدراسة ويعود ذلك إلى أهمية هذا العلم بالنسبة للعلوم الأخرى لما لها من علاقة ببقية العلوم ولاسيما في التطبيق العملي للمسائل الخاصة بها،وافرد لهذا العلم ودوره عدد من المؤلفات تناول فيها أهمية هذا العلم في فروعه كافة ومنها كتاب ((القانون المسعوي))،الذي يعد من ابرز مؤلفاته ضم في طياته مادة هامة عن هذا العلم في اغلب قوانينه ونظرياته والعوامل المساعدة التي ناقشها بشكل علمي وارتباطه بآراء كان لها أثرها في إثراءه بتلك المادة .
يعد علم المثلثات من العلوم القائمة بنفسها ولاسيما انه مر بمراحل تطور من خلال ماقدمه العلماء من فروض في هذا العلم الذي كان معروفا قل عصر البيروني،مشيرا إلى أصله الذي عرفه العرب عن الاغريق والهنود في بعض مبادئه وأساسياته ،نحو قوله((. . . وعن الإغريق عرف العرب وتر ضعف الزاوية بمقياس لها،وعن الهنود نصف هذا الوتر،وكان الهنود يسمونه”جيبا”أي وتر،وقد استحسن العرب لفظ الجيب ومعنا فتحة الجلباب لقربه من اللفظ السنسكريتي”جيفا”،فأطلقوا على نصف وتر الزاوية اسم الجيب)) ،وأشار إلى أهمية هذه الصناعة في حال إخراجها إلى الفعل لمزاولة الحساب فيها،نحو قوله((إن هذه الصناعة إذا أريد إخراجها إلى الفعل بمزاولة الحساب فيها فالأعداء مفتقرة إلى معرفة أوتار قسي الدوائر. . . )) ،موضحا إلى تسميته كتبها العلمية الزيجات الذي يعني انه الوتر،قائلا((. . . فلذلك سمي أهلها كتبها العلمية زيجات من الزيق الذي هو بالفارسية (ز5)اعني الوتر،وسموا أنصاف الأوتار جيوبا. . . )) موضحا أيضا تلك الأسماء بالهندية رغم إنهم لم يستعملوا غير أنصاف الأوتار،كما يقول((. . . وان كان اسم الوتر بالهندية جيبا ونصفه جيبارد،ولكن الهند لم يستعملوا غير أنصاف الأوتار أوقعوا اسم الكل على النصف تحقيقا في اللفظ. . . )).
وكان للبيروني عناية بالتراث الهندي في الرياضيات ولاسيما انه كان له اتصال بعلماء حكماء الهند عن طريق كتبهم والتطورات التي أضافوها لهذا العلم،نحو قوله((. . . وهم الذين كان لهم الفضل قديما بإدخال النظام العشري في الحساب بدلا من النظام الستيني الذي كان سائدا في المدينة البابلية ،ولكن بقي النظام الستيني في تقسيم الدرجات إلى دقائق والدقائق إلى ثوان في الزوايا. . . )) ،موضحا دقائق هذا النظام الذي كان يتبعه البابليون في التعبير عن العدد”واحد”،كما يقول((. . . وكان البابليون يعبرون عن العدد”واحد” بالرقم 60 فمثلا في النظام الهندي =5 وفي النظام البابلي20/60. . . )) ، وقد استفاد في ذلك من خبراته ولاسيما انه درس العلوم الرياضيات الهندية ولم تعجبه كتب العلماء الهنود لأنها ممزوجة حسب اعتقاده بالخرافات التي لها أثرها على العلوم الأصيلة،نحو قوله((. . . ولم تعجبه كتب العلماء الهنود لأنه وجدها تنحرف دائما نحو الخرافات فتمتزج العلوم الاصيله بها. . . )) ،عكس كتب الإغريق التي أشار إلى كونها ذات نهج علمي رصين وقويم ليس للخيال والخرافات مجال فيها،نحو قوله((. . . بعكس كتب الإغريق المنسقة. . . إنها تسير على نهج علمي بعيد عن الخيال الخرافي. . . )) مدونا عنها بعض الملاحظات ،قائلا((لم يك للهند أمثالهم”علماء الإغريق”ممن يهذب العلوم،فلا تكاد تجد لذلك لهم خاص كلام في غاية الاضطراب وسوء النظام ومشوبا في آخره بخرافات العوام. . . )) ،وتشبيه مافي كتبهم من الحساب بجملة تواصيف ،نحو قوله((. . . أي أشبه مافي كتبهم الحساب ونوع التعاليم إلا بصدف مخلوط بخزف اويد،ممزوج ببعر أو بمهى مقطوب بحصى،والجنسان عندهم سيان)) ،إلا انه لاينكر فضل الهنود في إدخال الصفر والأعداد ،نقلا عن برهمكوت، قائلا((. . . إذا أردتم أن تكتبوا واحد فعبروا عنه لكل شيء هو واحد كالأرض والقمر وعن الاثنين بكل ماهو اثنان كالسواد والبياض،وعن الثلاثة بكل مايحوي ثلاثة،وعن الصفر بأسماء السماء وعد ألاثني عشر بأسماء الشمس))(104)،ألا انه اعتمد على طريق الهند في ابتكار برهانا لمساحة الشكل الرباعي الدائري وليس نقلا من برهمكويت.
= (ح-أَ) (ح-بَ) (ح-جَ) (ح-دَ) حيث ح=1/2< أَ+بَ+جَ+دَ> ((تحت الجذر)).
لذلك يمكن القول إن أدق قيمة وصل إليها العرب للقيم الحسابية التي وصل اليها عدد من العلماء هي بعد البيروني بثلاثة قرون.
ومن هنا نجده افرد جداول لحساب المثلثات التي تعتمد عليها النظريات والأرصاد ،و نبغ في هذا المجال من خلال أبحاثه العميقة وآرائه متوخيا الدقة في المسائل الرياضية فتوصل إلى قوانين الأشكال بصورها المبسطة التي نسبت إلى نيوتن وجريجوري بعده بستمائة عام، وهذا الذي وصله لم يكن بالمصادفة أو التخمين بل نتيجة للبحث في الجداول الرياضية السابقة وطرق استعمالها ،نحو قوله((. . . إن الفترات المتساوية بين الزوايا لاتقابلها تغيرات متساوية في النسب المثلثية،وتأكيدا لهذه الحقيقة اثبت صحتها بالطرق الهندسية)) ، وهذا الأمر دفعه إلى البحث عن مخرج للوصول إلى أدق النتائج حين استعمل الجداول المثلثية وتعميم ذلك إلى الجداول الرياضية،وسلك في هذا الأمر اتجاهين،هما:
الأول: اخذ فترات صغيرة قدر الإمكان بين قيم المتغير((الزوايا))
No comment