بالرغم من الظروف التي يمر بها بلدنا العزيز وتفشي جائحة فيروس كورونا وفي ظل توجيهات الجامعة في القاء المحاضرات عبر المنصة الالكترونية
القت الاستاذ الدكتورة احلام محسن حسين التدريسية في مركز احياء التراث العلمي العربي / جامعة بغداد وباشراف مباشر من مدير المركز الاستاذ الدكتور رياض سعيد لطيف سمنار بعنوان
( هجرة العقول العربية عامة والعراق خاصة واثرها على الواقع الاجتماعي )
يوم الخميس الموافق 10/9/2020 ، استأثرت ظاهرة هجرة العقول او الكفاءات العلمية خلال العقدين الاخيرين باهتمام البلدان المتقدمة والنامية على حدا سواء ,وذلك نسبة الأثارها السلبية والايجابية ، على الواقع الاجتماعي والتنموي في الدول المرسلة والمستقبلة ، وزاد الاهتمام بهذه الظاهرة في البلدان النامية لما ينجم عن هجرة العقول من خسارة البلدان المرسلة للموارد البشرية العالية التاهيل ، واللازمة لتحقيق النمو الاقتصادي ذات المردود الاجتماعي ، ودفع عجلته ، وتوفير فرص التعليم والتدريب للاجيال الصاعدة . وقد هدفت الندوة التي نظمتها لجنة الامم المتحدة الاقتصادية لغربي اسيا (الاكوا) في بيروت خلال الفترة من 5 ـ 8 شباط / فبراير / 1980 ، القضايا المتعلقة بهجرة الكفاءات العربية بين دول المنطقة العربية من جهة والبلدان العربية وغير العربية من جهة أخرى .
واشارة (فرجاني) الى ان الهجرة بالنسبة للدول النامية تمثل خسارة في التكلفة التاريخية التى تكبدها المجتمع في تدريب وتعليم المهاجر حتى وقت هجرته ، فلما كانت بلدان الاصل في العالم الثالث فقيرة والتعليم العالي فيها ميزة لا يحصل عليها الا النخبة ، وبما ان هذه النخبة (وهي الاقدر ماليا في المتوسط) ، لا تتحمل الا نسبة ضئيلة من تكلفة التعليم العالي ، فالتكلفة المجتمعية لتعليم الكفاءات (العقول) المهاجرة تقع على كاهل الغالبية الفقيرة ، ويضيف فرجاني ان الاقتصاديين يشيرون الى جانب التكلفة التاريخية ، الى قيم تعبر عن القيمة المالية وقت الهجرة ، و الخاصة باجر المهاجر او دخله او انتاجيته الحدية الخاصة او انتاجيته الاجتماعية طوال العمر الانتاجي المتوقع منذ وقت الهجرة .
هجرة العقول اكثر خسارة للدول النامية اذا كانت في مجال قطاع التعليم العالي كاساتذة الجامعات والعلماء والفنيين والعاملين في مراكز البحوث ولا سيما ان المؤسسات العلمية والبحثية في بلدان الاستقبال تستقطب اصحاب الدرجات العلمية الرفيعة والافراد الاكثر تأهيلاً وخبرة ، مما يؤثر سلباً في النظام التعليمي والاجتماعي والاقتصادي للبلدان المهاجر منها .
اسباب الهجرة :
ان قرار هجرة العقول والكفاءات العلمية يتميز بالتعقيد وواحد من اهم المشاكل التي تمثل حضوراً على المستوى الدولي والاقليمي والعالمي وتعد هذه الظاهرة على راس الهرم من المشاكل الاجتماعية ويرجع سببه الى خلل في النظام العائلي والى العوامل الاقتصادية كتدني الاجور وارتفاع تكاليف المعيشة في الموطن الاصلي ، او خلل مؤسسي كما في النظام التعليمي العالي ، وقد يرجع الى خلل سياسي او امني كعدم امكانية حماية الكفاءات من قبل الجهات الامنية المختصة ، وغيرها. وهناك اسباب اخرى لهجرة العقول وهي الاولى الاسباب الجاذبة والثانية الاسباب الطاردة .
اما عن اسباب هجرة العقول العراقية بشكل خاص منذ الستينات ولوقت قريب يمكن القول :
1 ـ ضعف المردود المادي لاصحاب الكفاءات العلمية .
2 ـ ظاهرة عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي .
3 ـ توفير العديد من عناصر الجذب المادي والعلمي في الدول المتقدمة .
4 ـ بروز مؤخراً ولاول مرة في تاريخ العراق المعاصر مبرر جديد تمثل بتعرض حملة الشهادات العليا الى الاغتيالات واستخدام وسائل التهديد المباشر لاجبارهم على مغادرة العراق . وهناك عدد كبيرمن العلماء هاجرة الى الخارج .مما عكس خسارة فادحة واستنزاف لعقول نادرة ومؤثرة في المجتمع اذ تمثل اقتطاعا من حجم القوة العلمية النادرة والايدي العاملة الماهرة المتوفرة في العراق كالأطباء بجميع اختصاصاتهم والاساتذة الجامعيون في الحقوق والحاسبات والعلوم والادارة وغيرها من مختلف الاختصاصات من العقول التي تشكل ثروة وطنية عراقية .وقد فاقت اعداد الطاقات العراقية المهاجرة بالنسبة للعديد من دول العالم . واصبح السفر والهجرة في هذه الايام مفتوحا سواء لاغراض تجارية او لاسباب انسانية وهو الاكثر ترجيحاً للتازم الذي اصاب الوضع الامني وعمليات القتل والاختطاف المستمرة ، زيادة الى اعمال التفجير والقتل الجماعي الذي يمر به العراق يومياً وهذا ماسيؤدي بالتالي الى هجرة المزيد من العقول العراقية والمفكرة والايدي العاملة والمنتجة .
ومع ان السلطات العراقية السابقة في السبعينات والى نهاية التسعينات وضعت حلول لهذا الوضع لجذب المهاجرين ومنع الاخرين من الهجرة الا ان عدد المهاجرين ظل مستمر واما في الوقت الحاضر لا توجد اي قرارات لجذب او ترغيب اصحاب الكفاءت لابقائهم في بلادهم بل في الوقت الحاضر اصبح الباب مفتوح على مصراعيه للهجرة ولا سيما في العراق .
بعض الاستنتاجات التي توصل اليها البحث :
1 ـ يساهم الوطن العربي في ثلث هجرة الكفاءات من البلدان النامية .
2 ـ ان 50%من الاطباء و23%من المهندسين و15%من العلماء من مجموع الكفاءات والعقول العربية المتخرجة يهاجرون متوجهين الى اوربا والولايات المتحدة وكندا بشكل خاص
3 ـ بلغت الخسائر التي منيت بها البلدان العربية من جراء هجرة العقول العربية (11) مليار دولار في عقد السبعينيات ، وارتفع يشكل هائل خلال الاعوام الاحقة اذ بلغت (200) مليار دولار في عام 2001 . وغيرها من الاستنتاجات .
فالمستفيد الوحيد من هذه الهجرة هي الدول الغربية لاستخدامها العقول والكفاءات الجاهزة والمهيئة من قبل البلدان العربية والعالم الثالث .
ولابد اذن للدول العربية توفير الظروف المناسبة للبحث العلمي من مستلزمات بحثية ومختبرات وغيرها ، زيادة الى تحسين الوضع المادي والمعنوي لاصحاب الكفاءات العلمية لاجل اعادتهم الى بلدانهم
No comment