‏بالرغم من الظروف التي يمر بها بلدنا العزيز وتفشي جائحة فيروس كورونا وفي ظل ‏توجيهات ‏الجامعة ‏في ‏القاء ‏المحاضرات عبر المنصة الالكترونية ‏
القت الدكتورة رشا عيسى فارس التدريسية في مركز احياء التراث العلمي العربي / جامعة بغداد ‏وباشراف ‏مباشر ‏من ‏مدير ‏المركز الاستاذ الدكتور رياض سعيد لطيف سمنار ‏بعنوان ‏‏( ألاثر العلمي لمدارس القاهرة في القرن ‏السادس الهجري ‏) ‏ يوم الخميس الموافق 5/11/2020‏ ، متحدثة عن ارتباط الأوضاع السياسية للبلاد بالحياة الفكرية والاجتماعية والاقتصادية بشكل متلازم فاذا اضطربت ‏ناحية تأثرت الأخرى بها تأثيراً مباشراً،ففي كلامنا عن ألاثر العلمي للمدارس في القاهرة والدور الذي لعبته في دعم ‏الجانب الفكري فلا يخفى على اغلب المختصين في التاريخ الإسلامي على كون أن الحياة الفكرية لأي بلد تعد النواة ‏الأساسية التي يستند عليه التطور الحضاري والثقافي لهذا البلد وقد تمثلت البدايات الأولى لجانب التعليم على أيدي ‏كتاتيب الصبيان ثم انتقلت الى المساجد الجامعة ومن ثم تطورت الحياة الفكرية الإسلامية من خلال تأسيس النظام ‏المدرسي لما كان لتلك المدارس من دور فعال في قيادة المجتمع نحو الاستقرار والحفاظ على الهوية الحضارية للعالم ‏الإسلامي. وفيما ذكرنا سابقا عن الدور الذي لعبته المساجد كونها عناصر مهمة في حياة المجتمع الاسلامي كونها أول ‏مؤسسة أرخت لنا الحياة العمرانية وتعد بحد ذاتها مؤسسة فكرية روحية جامعة في الحضارة الإسلامية ليس على ‏المستوى الديني فحسب بل كانت تدرس فيها العلوم العقلية والتطبيقية مثل الرياضيات والفلك والطب والفلسفة ‏والمنطق ولايخفى دورها الاجتماعي فكانت مركز لالتقاء مختلف طبقات المسلمين ومكاناً لاجتماعاتهم والتآلف بينهم ‏وملاذ للمعوزين والفقراء.ومن ثم كان تطور التعليم وصولا إلى المدارس التي لم تكن سوى امتداد لحركة التعليم في ‏المساجد والتي اهتمت أيضا بتدريس القرآن الكريم والفقه والحديث النبوي الشريف والأدب واللغة حيث كان الاهتمام ‏كبير بتدريس العلوم الدينية ثم اخذت تتوسع يوما بعد يوم فأدخلت مواضيع جديدة في مناهجها مثل دراسة الطب ‏وعلوم الرياضيات والكيمياء والفلسفة وكان لكل موضوع شيخ مختص بتدريسه فكان هناك استاذ للتفسير وآخر ‏الحديث وقد تم توفير مراكز لقراءة القرآن الكريم او مجالس للتشاور مع الفقهاء والقضاة أو قاعات للدرس وتعليم ‏الاطفال اليتامى بل امتد الأثر ليشمل اقامة مؤسسات يكون الهدف الأساسي من وجودها نشر التعليم فكان للامراء ‏والسلاطين والمقتدرون من العلماء في إقامة صرح التعليم فلاشك أن الهدف الأساسي من الإكثار للمدارس هو خدمة ‏للدين الإسلامي ومايتفرع عنه من مختلف العلوم العقائدية والتشريعية فكان وجود العلماء والفقهاء والقضاة في مصر ‏بأعداد كبيرة مع التعمق في مختلف الدراسات العقائدية والاجتماعية عاملا مشجعا لأصحاب السلطة ومحبي العلم ‏والتعلم فكانت نتيجة هذا كله إنشاء رابطة الوحدة والتضامن بين الحكام وبين طبقة الفقهاء والعلماء والقضاة من ناحية ‏أخرى. وقد عمل مؤسسوا هذه المدارس في الصرف على بنائها وتوفير الاساتذة الاكفاء ومايلزم من أدوات لتدريس ‏مختلف العلوم العقائدية والأدبية والعلمية وعند الانتهاء من عملية البناء والزخرفة في هذه المدارس كان يحتفل احتفالا ‏كبيرا بأفتتاحها حيث تمد الاسمطة،وتنشد الأناشيد،وتوزع الخلع على العلماء وأهل الحديث والقراء والمدرسين.وسوف ‏نستعرض اهم المدارس التي برزت في مصر في هذه الحقبة*المدرسة المنصوريةالتي أنشأها السلطان سيف الدين ‏قلاوون679ھ/1280م وتقع هذه المدرسة داخل باب المارستان الكبير المنصوري بخط بين القصرين بالقاهرة ، وقد ‏رتب لها دروسا لطوائف الفقهاء الأربعة،ودرساًللطب،ودرساً للحديث النبوي الشريف،ودرساً لتفسير القرآن الكريم،وقد ‏كانت هذه التداريس لا يتولاهاالامن كان من اجّل الفقهاء واعظمهم علماًوممن درس بها تقي الدين المنصوري الشافعي ‏ت763ھ/1361م والشيخ محمد بن أبي محمد التبريزي ت776ھ/1374م*المدرسة الناصرية هذه المدرسة بجوار ‏القبة المنصورية من شرقها،كان موضعها حماماً،فأمر السلطان الملك العادل زين الدين كتبغا المنصوري بإنشاء مدرسة ‏موضعها فأبتدى في عملها ووضع اساسها وارتفع بناءها عن الأرض إلى نحو الطراز المذهب الذي مظاهرها،ولما عاد ‏السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون الى مملكة مصرسنة668ھ/1298م أمر بأتمامها فكملت سنة ‏‏703ھ/1303واول من رتب في تدريس هذه المدرسة من المدرسين قاضي القضاة زين الدين علي بن مخلوف المالكي ‏ليدرس الفقه للمالكية بالايوان الكبير القبلي ، وقاضي القضاة شرف الدين عبد الغني الحراني ليدرس فقه الحنابلة ‏بالايوان الغربي وقاضي القضاة احمد بن السروجي الحنفي ليدرس فقه الحنفية بالايوان الشرقي والشيخ صدر الدين ‏محمد بن المرحل المعروف بابن الوكيل الشافعي ليدرس فقه الشافعية بالايوان البحري وقرر عنده عدد من الطلبة ‏واجرى عليهم المعاليم ورتب بهم اماماً يؤم بالناس في الصلوات الخمس وجعل فيها خزانة كتب جليلة واما عن اوقاف ‏المدرسة الناصريةفقد اشار المقريزيبقوله”ووقف على هذه المدرسة قيسارية أمير علي بخط الشرابيشن من ‏القاهرة،والربع الذي يعلوها وكان يعرف بالدهيشية،ووقف عليها حوانيت بخط باب الزهومة من ‏القاهرة،ودارالطعم”ففي المدرسةالناصرية كان واجباً على الناظر ان يصرف لكل واحد من المدرسين والمعيدين ‏والطلبة والراعي والنقيب مايراه من التسوية والتفضيل وقد كانت المرتبات التي تصرف للدارسين على ايدي الفقهاء ‏والمحدثيين من المذاهب الإسلامية تختلف من طائفة إلى أخرى كما كانت قيمة هذه المرتبات من اسباب جذب الطلاب ‏نحو أحد المذاهب دون غيره إلى جانب ماكان يحصل عليه ارباب الوظائف من مرتبات منتظمة كانت توزع عليهم ‏الخيرات في المناسبات الدينية ففي عيد الفطر من كل سنة كان يفرق عليهم الكعكوالخشناك أيضا هو نوع من انواع ‏الكعك وفي عيد الأضحى يوزع اللحم.وفي هذه المدرسة يكون الحق للناظر ان يصرف من ريع الوقف اذا فضل عن ‏المرتب المعين له،في ليالي الجمع والاعياد والمواسم وشهر رمضان،ما يراه في التوسعة عليهم فاذا تعذر الصرف ‏لجهة من الجهات عاد الصرف إلى ما فيها،فأن تعذرصرف ذلك للفقراءوالمساكين من المسلمين اينما كانوا وحيثما ‏وجودها.*المدرسة الصاحبية البهائية وتقع بزقاق القنادل من مدينة مصرقرب الجامع العتيق،انشاءها الوزير صاحب ‏بهاء الدين علي بن محمدبن سليم بن حنا654ھ/1256م وأول من درس بهذه المدرسة الصاحب فخر الدين محمد ابن ‏الوزير الصاحب بهاء الدين..

 

RashcAuthor posts

Avatar for rashc

مركز احياء التراث العلمي العربي مركز يعنى بالتراث العربي

No comment

اترك تعليقاً