بالرغم من الظروف التي يمر بها بلدنا العزيز وتفشي جائحة فيروس كورونا وفي ظل توجيهات الجامعة في القاء المحاضرات عبر المنصة الالكترونية
القت أ.د. الاء نافع جاسم رئيس قسم المخطوطات في مركز احياء التراث العلمي العربي / جامعة بغداد وباشراف مباشر من مدير المركز الاستاذ الدكتور رياض سعيد لطيف سمنار بعنوان ( الروايات التاريخية في كتاب (بهجة المجالس وأنس المجالس وشحذ الذاهن والهاجس) لأبي عمر يوسف بن عبدالله بن محمد بن عبدالبر النّمري القرطبي (ت463هـ )) يوم الاحد الموافق 27/12/2020
معرفته هو يوسف بن عبدالله بن محمد بن عبدالبر النمري أبو عمر ، من كبار حفاظ الحديث ، فقيه ، حافظ ، مكثر عالم بالقراءات ،والفقه ، والحديث ، والرجال .ولد ابن عبد البر في الرابع والعشرين من ربيع الأخر سنة 368هـ ، وعاش في كنف أسرة معروفة، عُرف والدهُ بالفقه وهو من فقهاء قرطبة ،توفي وهولم يتعدى سنهُ الثانية عشر من عمره وذلك سنة 380هـ . تلقى علومه في مدينة قرطبة وهي أعظم المدن الأندلسية في ذلك الوقت ،على يد جُلة من علماء عصره ومن الشيوخ القادمين إليها ، برز وتفوق وأصبح مُلماً بعلوم عدة كالفقه والحديث والتاريخ والأدب وغيرها. ودأب في طلب العلم والأنقطاع أليه وصرف النظر عن أمور الدنيا ومغرياتها . سكن أبي عمرابن عبدالبر دانية وهي إحدى مدن الأندلس التي جال بها وقضى فترة لابئس بها ألف معظم كتبه فيها ،وإن مؤلفاته هذه ساعدت على شهرته في دانية مما جعل طلبة العلم يأتون إليها للتلقي والسماع على أبي عمرو ابن عبدالبر ، إلاّ إنهُ لم يبقى بقيت حياته بها أنتقل إلى بطليوس وتم إستقباله إستقبالاً كريماً في عهد المظفر بن الأفطس ، ولمكانته وفضله ولاهُ المظفر قضاء الأشبونة وشنترين وهما من أكابر مدن الأندلس .عُرف ابن عبدالبر القرطبي أحد المصنقين الذي أمتاز بغزارة نتاجه العلمي فصنف مؤلفاته إلى علوم الفقه والحديث والتاريخ والسير والأنساب والأدب وغيرها ، لذا نال إستحسان علماء عصره من محدثين وفقهاء ، ويقول أبن خلكان ” كان أبو عمر رحمهُ الله موفقاً في التأليف معاناً عليه ،وقد نفع الله بكتبه ” لقد بقى أبن عبدالبر يتنقل بين مدن الأندلس (دانية وبلنسية وشاطبة ) فوافاهُ أجلهُ في مدينة شاطبة سنة 463هـ عن عمر يناهز خمسة وتسعين عاماً وخمسة أيام . جمع أبن عبدالبر القرطبي جميع قراءاته في ميدان الأدب بكتابه (بهجة المجالس ، وأنس المجالس) ،أي إنهُ كتاب أدب أمتاز بالأسلوب والألفاظ البسيطة الجميلة ، وقد قسم كتابهُ إلى عدد من الأبواب بلغ (132) باباً ،كل منها يضم معنى من معاني الدين أو الدنيا ، بما يناسب المعنى نحو قوله ((وقد جمعتُ في كتابي من الأمثال ، والأبيات النادرة ، والحكم البالغة ، والحكايات الممتعة في فنون كثيرة وأنواع جمة ، من معاني الدين والدنيا ، ماأنتهى إليه حفظي ورعايتي ، وضمتهُ روايتي وعنايتي ، ليكون لمن حفظهُ ووعاهُ ،وأتقنهُ وأحصاهُ زيناً في مجالسه ، وأنساً لمُجَالسه، وشحذاً لذهنه وهاجسه ، فلايمر به معنى في الأغلب مما يُذاكر به ، إلا أورد فيه بيتاً نادراً ، أو مثلاً سائراً ، أو حكاية مستطرفة ، أو حكمة مُستحسنة ، يحسنُ موقع ذلك في الأسماع ، ويخفّ على النفس والطباع ، ويكون لقارئه أنساً في الخلاء ، كما هو زين لهُ في الملاء، وصاحباً في الأغتراب ، كما هو حَليُ بين الأصحاب .ويُعد كتاب بهجة المجالس ونزهة المجالس إنهُ كتاب أدب ولكن وردت فيه عدد من الروايات التاريخية ذات المدلولات التاريخية القيمة وتم تقسيمها كالأتي : أولاً : الروايات التاريخية السياسية
ذكر ابن عبدالبر بعض الروايات التي تتضمن الكتب الرسمية بعثها الملوك بعضهم إلى البعض الأخر ،والى بعض الأمراء أوالخلفاء أو الشخصيات الأخرى ،وتذكر فيها بعض الوصايا .ومن الكتب الرسمية حول كيفية إدارة الدولة يوجه بعض الخلفاء وصاياهم لأبنائهم ، وكذلك أشار إلى الرسائل التي تُبعث من قبل الولاة للخلفاء لبيان الحالة في الولاية التي يحكموها لأجل تبليغ إرشاد وصية الخليفة لهم وكيفية إدارة الولاة لها ، علاوةً على ذلك وردت روايات لبعض حالات الظلم والجور في العصر الجاهلي من خوض العرب بمعارك عدة .ثانياً : الروايات التاريخية الحضارية
ذكر ابن عبدالبر بعض الروايات الحضارية من خلال التطرق إلى الحجابة والكتابة والكُتاب ، وهي من الجانب الأداري للدولة العربية الأسلامية .ثالثاً : الروايات التاريخية الأجتماعية
ساعد مجىء الأسلام على توحيد أفراد المجتمع ونشر العدالة الاجتماعية مبيناً في ذلك مدى ثبات المجتمع وإستقراره ،وجاء بآداب كثيرة ومتنوعة تحقق سلامة بنيان المجتمع المسلم ،وتشارك في ترابطه وتعاونه : كتقديم الهدايا ،والتزاور ،والجليس والمجالسة ،والألتزام بالوعد ،وذلك حسب ماوردت من روايات في كتاب بهجة المجالس .
رابعاً : الروايات التاريخية الأقتصادية ، علم الاقتصاد : في اللغة خلاف الإفراط وهو مابين الإسراف والتقتير ، وإنّ النظام الأقتصادي الاسلامي الذي يوائم بين الملكية الخاصة والملكية العامة ،والعلاقة بين الفرد والمجتمع في النظام الاسلامي علاقة مشاركة ،فهو يوازن بين الفرد والمجتمع فهو يعترف بالمسؤولية الفردية أي مسؤولية كل فرد عن أفعاله.
ويُعد الرزق من الجوانب الاقتصادية فكان العرب قبل الاسلام يحصلون على الأموال من التجارة والزراعة والصناعة ،وقد أمر الله الانسان بأن يسعى ويعمل من أجل الحصول على الأموال ،والأسلام جعل تحصيل الأموال يقوم أساساً على الزراعة والتجارة والصناعة وذلك لحاجة المجتمع المادية .وبهذا إن كتاب ابن عبد البر شمل مراحل مختلفة من الدولة العربية الاسلامية أي منذ اوائل العصر الاسلامي والذي شمل عصر الرسول صلى الله عليه وسلم ، والعصر الراشدي ، والاموي ، والعصر العباسي
No comment