نشرت صحيفة الزمان في عددها (6901) بتاريخ 27/ 2/ 2021 لقاءاً للأستاذ المساعد الدكتور وسن حسين محيميد التدريسية في مركز احياء التراث العلمي العربي / جامعة بغداد بعنوان/ عراقية تُحمل المؤسسات الأكاديمية قلة اهتمامها بالتراث المسيحي المشرقي. وقد أبرزت الأكاديمية العراقية وسن حسين محيميد أهم الأسباب التي تجعل من مهمة الباحثين والأكاديميين في المؤسسات البحثية والجامعات العراقية من خلال الاهتمام بمجال التراث المسيحي المشرقي ضعيف جداً بحسب اشارتها إلى هذا الأمر… وبينت محيميد خلال حوار (الزمان) معها أن معلومات الطلبة في هذا المحور البحثي المهم باتت مكررة ولا تصبُ في البحث عن الحقائق بل هي وسيلة للحصول على شهادةٍ عليا فحسب. وكانت الدكتورة وسن حسين محيميد قد رفدت المكتبة التراثية المسيحية خلال السنوات القليلة السابقة بالعديد من المؤلفات التي خصصتها للخوض في متون التأريخ الكنسي المشرقي. وفيما يلي نص الحوار:
س1/ لديكِ العديد من المؤلفات والأبحاث التي تدور في التاريخ الكنسي خصوصاً تلك المرتبطة بكنيسة المشرق، ما الذي جذبكِ إلى هذا المحور وهل أبرزت المراجع والمصادر المتعددة ولوجك لهذا الميدان؟.
إن بداية اهتمامي بالتاريخ المسيحي عموماً والكنسي على وجه الخصوص يعود إلى دراستي في الماجستير والدكتوراه فقد ركزت رسالتي واطروحتي على غير المسلمين(أهل الذمة كما ترد تسميتهم في التاريخ العربي الإسلامي) وهم اليهود، والمسيحيين(النصارى حسب تسميتهم الشائعة في الموروث العربي الإسلامي الديني والاجتماعي) ، والصابئة، والمجوس. وكانت كثرة المعلومات التي صادفتني في موضوع دراستي عن المسيحيين فهم الأغلبية بين الطوائف الدينية وخصوصاً النساطرة منهم. لذلك جاءت المعلومات عنهم في المصادر والمراجع فيما يتعلق بالجوانب الاجتماعية، والإقتصادية، والفكرية في التاريخ العربي الإسلامي منذ صدر الإسلام حتى نهاية العصر العباسي وهي حقبة دراستي واسعة قياساً ببقية الديانات الأخرى المعاصرة لهم . وكان لما تركوه من بصماتٍ يشهد لها التاريخ الأثر الكبير في نفسي للتعمق في دراسة تاريخهم. شجعني في ذلك معلمي واستاذي العزيز الأب الدكتور بطرس حدّاد(طيب الله ثراه) الذي رافقني مسيرتي العلمية في الماجستير والدكتورة وفتح لي أبواب مكتبته الشخصية وأمدني بالكثير الكثير من علمه الثر.
س2/ ما مدى اهتمام المؤسسات الاكاديمية بمجال التراث المسيحي المشرقي وهل أسهمت الجامعات من خلال مناقشتها للاطاريح والدراسات العليا في ابراز هذا المحور من خلال ما تتم مناقشته بشكل سنوي في أروقة هذه الحواضر العلمية؟.
في الحقيقة إن الاهتمام الاكاديمي بمجال التراث المسيحي المشرقي من وجهة نظري ضعيف جداً ولا يتعدى ما كُتب عن الموروث المسيحي في أوجهه المختلفة عبر التاريخ الميلادي ،والإسلامي، والحديث من رسائل وأطاريح معدودة تبرز دورهم حسبما خطته المصادر فضلاً عن تناول شخصياتٍ تركت أثراً في مجال تخصصها، وبعض الدراسات وللأسف في التاريخ الإسلامي خصوصاً وهو موضوع تخصصي والتاريخ عموماً بدأت بطرح عناوين مبهرة عن التراث المسيحي لكن لمضامين قد اشبعت بحثاً وذلك لاستيفاء أغلب المواضيع التاريخية حقها من الدراسة دون أن يسلط الضوء على جوانب اخرى أو مخطوطات لم تر النور بعد، تبحث في مختلف العلوم والمعارف والأصعدة التي برع فيها المسيحيون ، فباتت معلومات الطلبة مكررة ولا تصب في البحث عن الحقائق بل هي وسيلة للحصول على شهادة عليا فقط ، فالكثير من الطبلة اليوم وأنا مسؤولة عن رأيي من خلال تدريسي للدراسات العليا لا يحملون من كلمة الدراسات العليا سوى الاسم فقط ويراجعني الكثير من طلبة الدراسات ممن يرغب باستشارتي عن موضوع البحث في الأديان كونها تخصصي ومنها المسيحية وأحدهم سألني عن موضوع الكنيسة النسطورية في العصر العباسي الذي دُرس من جوانب عدة ولي كتاب عنه أعطيته له ووضحت له وجهة نظري أن الموضوع سيكون مجرد نقل فقط مني وممن تناول البحث عن الموضوع ذاتهُ، فكان هذا غاية ما يطلبه طالب الوصول إلى اللقب العلمي لا العلم في يومنا هذا مع حزننا الشديد، وطالب أخر درس عن المسيحية في العصر العباسي وقد كُتب الكثير عن هذا وهو مسرور بذلك ويقول: سأنقل منهم فقط هذا دوري وغيره الكثير حاشى القلة المعدودة ممن تروم العلم لذاته. ناهيك أن لجنة الدراسات العليا تعطي الطلبة مواضيع حسب تخصص الأساتذة ولا يهتم العديد من الأساتذة بمواضيع الديانات عموماً لأسباب عدة ربما تتعلق بتخصص الأستاذ، أو بميوله العقائدية، أو من سيناقش الطالب بموضوعية!، فضلاً عن رغبة الطالب ذاته. فالاهتمام ضعيف جداً ومحدود وليس هذا فقط بل المعرفة بفكر الأخر ضعيفة ومشوبة بالمغالطات فكل كون فكرة منطلقة من موروثه، فليس هناك اهتمام بالتعريف بالأخر .
س3/ تعتمدين على المخطوطات في التحقيق والبحث، ما هي الأسس التي تعتمديها في التحقيق والركائز التي ترسخين فيها أبحاثك في هذا المجال؟.
مما لاشك فيه أن المخطوطات تضيف لأي بحثٍ قيمةً علمية أو ترصن ما ورد من معلومات، وقد تناولت بالدراسة والتحقيق مخطوطات عدة منها(رسائل يوسف رزق الله غنيمة للأب أنستاس ماري الكرملي(1922- 1941) وقد راجعها وقدمها لي رفيق قلمي الذي يقدم لي العون والدعم والتشجيع الأب المفضال البير هشام نعّوم) ، فضلاً عن تحقيق مخطوطات أخرى في موضوعات التصوف والكيمياء والأديان وفق ما اطمح إلى معرفته من صنوف العلم والمعرفة فلا أرغب أن أتوقع بقالب واحد بل أروم التعلم قدر ما أستطيع وخاصة في مجال الأديان . أما الأسس المتبعة في التحقيق فهنالك منهجُ خاص في دراسة وتحقيق المخطوطات نعتمد عليه وهو لا يخفى على أي باحثٍ في هذا المجال.
س4/ في كتابك المعنون (رؤساء النصارى في كتاب أخبار بطاركة كرسي المشرق) الصادر ضمن منشورات البطريركية الكلدانية، تؤشرين لبعض الملابسات الناجمة من قبل المؤلف في اعتماد بعض التواريخ، هل لهذه الملابسات أثرها في اعتماد الحقائق التاريخية؟.
No comment