‏ شاركت الدكتورة خمائل شاكر الجماليّ رئيس قسم توثيق بغداد في مركز احياء التراث العلمي ‏العربي / جامعة بغداد بالندوة العلمية الإلكترونية (تمكين المرأة العراقية القيادية) والتي أقامها ‏مركز التعليم المستمر/ جامعة بغداد في يوم الأربعاء الموافق10/3/2021 ، وعبر المنصة ‏الإلكترونية‏(‏googlemeet ‎‏ )  بالورقة البحثية ( تمكين المشاركة المجتمعية للمرأة .. تعزيز وتحديات )‏  ‏ متحدثة تلعب المرأة دوراً حيوياً وفعّالاً في بناء المجتمع ، فهي اللّبنة الأساسيّة فيه ، وهي كالبِذرة ‏الّتي تُنتج ثماراً تصلُح بصلاحها وتفسد بفسادها ؛ لِذا علينا أنْ لا نغفل عن دور المرأة في ‏المجتمع، وأنْ نُعطيها كامل حقوقها ، ونَضمن لها كرامتها، فهي من تَبني الأجيال ذكوراً وإناثا ‏لِينهضوا بحضارتهم، ويصنعوا مستقبلاً واعداً لبلادهم. ‏
‏ ومع ذلك لا يستطيع أحد أن يجادل في أهمية المرأة في المجتمع ؛ فالمرأة التي تدرك حقيقة ‏دورها ، وتلتزم بواجباتها، ، وتحرص على ممارسة حقوقها ، إنما تؤثر في حركة الحياة في وطنها ‏تأثيراً بالغاً ، يدفع به إلى مزيد من التقدم والرقي وملاحقة الركب الحضاري ، على مستوى ‏المجتمعات والعالم أجمع. فما هو الدور المطلوب من المرأة المسلمة من أجل إنجاز وعد الله ‏تعالى في تحقيق الريادة والشهادة .‏
‏ كما تتجلّى أهميّة المرأة حين تؤدّي رسالتها بالمجتمع بما تحمله من شهادات علميّة تمكّنها من ‏تعليم الأجيال ، وكم نرى من معلّمات يربّين طلابنا على الأخلاق الحميدة ويزوّدونهم بالعلم النّافع ‏في حياتهم ، وبالتّالي فإنّ دور المرأة حيوي في محاربة الجهل والتّخلف وتنوير المجتمع ّ.‏ ‏ بالعلوم ‏والمعرفة والثقافة وفي كل مجالات الحياة .‏
‏ لقدّ حدد الله سبحان وتعالى دائرتين من دوائر الشراكة بين المرأة والرجل ,الدائرة الاولى ‏هي دائرة الأسرة ، والدائرة الثانية هي دائرة المجتمع والأمة ؛ أي دائرة المشاركة في العمل ‏الاجتماعي العام. ولم تطرح قضية المرأة بشكل منفرد عن الرجل أو بصورة نقيضة أبداً إلا ‏عندما حدث الاختلال في ثقافة الأمة ، فبرزت إلى الوجود دعوات تحرير المرأة بمعناها الغربي ‏العلماني ، مما أدخلنا في حالة صراع داخلي بين ما يحق للمرأة القيام به، وبين ما لا يحق لها ‏القيام به.‏
‏ ويمكن تعريف تمكين المرأة تعريق هو عبارة عن عملية تغيير شامل للعمليات المسؤولة عن ‏رفع مكانة المرأة في المجتمع بمساعدة الدولة والمجتمع ودعمهما، والتركيز على أهمية السياسة ‏والعمل الجماعي، لتمكينها من وضع جدول أعمالها وأهدافها بنفسها، وزيادة قدرتها على السيطرة ‏على حياتها. أما مبادى تمكين المرأة فهي : ‏
‏ 1- الاهتمام بتدريب المرأة وتطويرها مهنيّاً. ‏
‏2- تنفيذ وتطوير المشاريع وسلاسل التوريدات وسياسات التسويق التي تُمكّن المرأة. ‏
‏3- إنشاء قيادة مؤسسية رفيعة المستوى تهدف إلى المساواة بين الجنسين.‏
‏ 4- تحقيق المساواة والعدل وعدم التمييز في المعاملة بين الرجال والنساء، واحترامهم جميعهم ‏ودعم حقوقهم.‏
‏5- ضمان صحة وسلامة جميع العاملين سواءً الرجال أو النساء، وتحقيق رفاهيتهم. ‏
‏ 6- الاهتمام بالمبادرات المجتمعية بهدف تعزيز المساواة بين الجنسين.‏
‏ ولا يغفل أحدٌ من النّاس أهميّة دور المرأة في المجتمع ، فبدون أن تؤدّي المرأة دورها لا يمكن ‏أن تسير عجلة الحياة ؛ فالمرأة هي نصف المجتمع وشريكة الرّجل وسنده ، وحين يقدّم الرّجل ما ‏يستطيع من جهد في سبيل الإنفاق على الأسرة ترى المرأة تنبري للقيام بدورها في المجتمع بكلّ ‏قوّةٍ وعزيمة.‏
‏ وإنّ أهميّة دور المرأة في المجتمع تكمن من أهميّة الرّسالة التي تؤديّها المرأة فيه ، فما هي ‏رسالة المرأة ؟ تتجلّى رسالة المرأة في الأسرة حين تقوم برعاية أولادها وتربيتهم التّربية الصّحيحة ‏المبنيّة على الأخلاق والدّين ، ولا يمكن أن تؤدّي الأمّ هذه الرّسالة إلا عندما تكون مهيّأة لذلك ‏وكما قال الشّاعر: ‏
‏ الأمّ مدرسة إذا أعددتها … أعددت شعباً طيب الأعراق
‏ كما أنّ رسالة المرأة في أسرتها تتعدّى مهمّة التّربية إلى مهمة إعداد جيلٍ من الأبناء يحسن ‏التّعامل مع مجتمعه ويحسن العطاء، فتزوّده بالمهارات الاجتماعية اللازمة لذلك ، كما تبيّن حقّ ‏المجتمع عليه ، ويتشارك الأب هذه المسؤوليّة مع المرأة حتى يكون نتاج التّربية أفضل. ‏وحتى تكون المرأة -التي تمثل نصف المجتمع المؤثر- واعية بأدوارها، ومتسلحة بالقدر الملائم ‏من المعرفة والثقافة، والخبرات والقدرات والمهارات الفنية والحرفية وغيرها،… ‏
‏ اذن لا بد لها من عمليّة أعداد وتربية يكون لها الأثر الفعّال في بناء وتكوين شخصيتها ‏وممارسة مهامها في المجتمع وتوجيه الطّاقة الإنسانية الوجهة البنّاءة. فقد سطّرت المرأة في ‏العصور القديمة والحديثة وخاصة في المجتمعات الإسلامية أسطراً من نور في جميع المجالات ‏، حيث كانت ملكة، وقاضية ، وشاعرة ، وفنانة ، وأديبة، وفقيهة، ومحاربة، وراوية للأحاديث ‏النبوية الشريفة. ‏
ويمكن تقسيم الدور المأمول من المرأة في نهضة المجتمع الى دائرتين رئيستين وهما:‏
‏ 1-دائرة الأسرة
‏ وهي اللبنة الأولى في بناء الأمة والخلية التي يبدأ الاجتماع الانساني، وللمرأة دور رئيس في ‏الاسرة لا يمكن بحال من الأحوال تغييبه، فالدور الحيوي للمرأة في الحياة ، وهو إنجاب الأطفال ‏وتنشئتهم ، ولا يتوقف هنا ، بل إن المطلوب منها كمسلمة أن تعي وظيفتها الوجودية التي وجدت ‏لأجلها في الحياة الدنيا وهي الاستخلاف ، ثم بالتربية والتنشئة الاجتماعية الدينية ، فتكون الأم ‏بدورها على نشر مبادئ وقيم وتعاليم الإسلام بين أولادها، من خلال التدريب اليوميعلى الأخلاق ‏الإسلامية ، والتنشئة الإسلامية. ‏
‏ وللمرأة دورها في تكوين القاعدة النفسية لبناء الاُسرة أكبر من دور الرّجل الذي عبّر عنه القرآن ‏بقوله : ((وخلق منها زوجها ليسكن إليها ))، فالزوج هو الذي يسكن الى الزوجة، ويستقرّ بالعيش ‏معها، فهي مركز الاستقطاب و إطار الاستقرار والودّ والمحبّة . وهكذا نفهم معنى (السكن) الذي ‏توفِّره الزّوجة لزوجها وأسرتها، وهو: الرّاحة والاستقرار والاستئناس والرّحمة والبركة والوقار، كما ‏نفهم سر اختيار القرآن لهذه الكلمة الجامعة لمعان عديدة . ‏
‏ وليس هذا فحسب ، بل وتساهم الأم في تطوير المجتمع وبنائه فكريّاً،وماديّاً، وأخلاقيّاً من ‏خلال تربية الأبناء وتوجيههم ؛ فالطفل الذي ينشأ بعيداً عن القلق والتوتّر والمشاكل العائلية ينشأ ‏سويّ الشخصية ايجابيّاً في علاقاته وتعامله مع الآخرين وعطائه الاجتماعي ، بخلاف الطفل ‏الذي ينشأ في بيئة عائلية تضجّ بالمشاكل والنزاعات والتعامل السيّئ مع الطّفل ، فانّه ينشأ ‏عنصراً مشاكساً ، وعدوانيّاً في سلوكه وعلاقاته .‏‎ ‎
‏ وبالتالي تساهم في بناء مجتمعها والحفاظ على استقراره وأمنه ؛ فهي بالتزامها بنداء الفطرة ‏تكون قدّ أمنت المرابطة على ثغر من الثغور الحساسة إلا وهو القيام بشؤون البيت وتربية الأبناء. ‏ولا يعني ذلك أن مسؤولية المرأة تنتهي عند قيامها على بيتها ، بل لها دور اجتماعي مهم ودور ‏حضاري أيضاً، غير أنهما لا يلغيان دورها الأساس والجوهري في التنشئة الأسرية.‏
‏ 2- دائرة المجتمع
إن صورة الأمة الإسلامية والمجتمع المسلم هي الصورة الأكبر للأسرة المسلمة، يتشارك كلا الرجل ‏والمرأة في ميادين العمل العام مع اختلاف وتنوع درجة الاسهام في ميادين العمل وفق الامكانات ‏والمؤهلات الفطرية والمكتسبة للرجل والمرأة، فكل ما تستطيعه المرأة أو تطيقه فطرتها من ‏العمل العام بابه مفتوح امامها طالما ذلك لم يؤد الى طمس الفطرة أو مخالفة لثوابت الدين التي ‏يستوي الرجل والمرأة في الاحتكام لها . ‏
‏ وللمرأة صور عدة للمشاركة في نهضة المجتمع عن طريق مشاركتها العامة في مختلف ‏مؤسسات المجتمع سواء كانت هذه المشاركة عن طريق العمل الوظيفي المأجور أو العمل ‏المجتمعي الخيري أو المنظمات غير الحكومية أو المشاركة السياسية .‏
‏ وتتمتع المرأة بصفات قد لا يطيقها الرجل ، ومن أبرزها الصبر، فهي أجلد من الرجل في ‏تحمل العمل في بعض المواقع، مما يحتم عليها أن تقوم بدور في مجتمعها ، يوازي دورها في ‏بيتها، ولا يخل به، ونؤكد هنا أؤكد أن إيمانينا بقيمة العمل الاجتماعي للمرأة لا يعني بحال من ‏الأحوال تشجيعها على ترك بيتها، بل هو الأولى بها، ولكن المرأة القوية الفكر، الماهرة في إدارة ‏وقتها، سوف تجد وقتا كافيا لهذا وذاك.‏
التحديات التي تعزز دور المرأة في المجتمع ‏
بدراسة عيّنات تاريخية من حياة النساء في مسار الدعوة الالهية ، نستطيع أن نفهم الموقع الرائد ‏والفعّال الذي شغلته المرأة في حياة الأنبياء ودعواتهم ، فتتجلّى قيمة المرأة في المجتمع الإسلامي، ‏ومشاركتها الفكرية والسياسية، وحقوقها الإنسانية والقانونية. انّ المرأة المسلمة لمّا تكتشف مكانتها ‏الحقيقية في الإسلام بعد ، وانّ الرّجل المسلم لمّا يعرف مكانة المرأة في الإسلام على حقيقتها ‏أيضاً ، لذا اختلّ ميزان التعامل والعلاقة ، الذي لا يستقر إلاّ بالعودة الى مبادئ القرآن ليعرف كلّ ‏منهم حقّه ومكانته ومسؤوليّته تجاه الآخر وعلاقته به.‏
التمكين الاجتماعي للمرأة :‏
يُتيح التمكين الاجتماعي الثقافي للمرأة المشاركة الاجتماعية خارج نطاق الأسرة، وعلى نطاقٍ ‏أوسع فإنّه يوفّر فرصاً للمرأة الوصول إلى مجموعة واسعة من الخيارات التعليمية ممّا يُساهم في ‏محو أمية المرأة، وهذا بدوره يُحسّن من صورتها وأدوارها وإنجازاتها في المجتمع، إذ يهتم التمكين ‏الاجتماعي الثقافي بالإناث من ناحية التعليم والحدّ من التمييز ضدّهن من خلال الحدّ من ‏المعايير التقليدية التي تُركّز على تفضيل الذكور، كما يُتيح هذا النوع من التمكين للمرأة حرية ‏الحركة من خلال جميع وسائل النقل الحديثة.‏
ومن أهم التحديات التي تعزز المرأة وتوجهها في أداء الدور المطلوب منها ما يأتي
‏ 1- وعي المرأة بالدور المطلوب منها مجتمعياً .‏
‏2- عدم السقوط في النظرة الغربية للمرأة (الانبهار بالنموذج الغربي). ‏
‏3- عدم الخلط بين التقاليد المنافية للإسلام وبين نظرية الاجتماع الإسلامي.‏

RashcAuthor posts

Avatar for rashc

مركز احياء التراث العلمي العربي مركز يعنى بالتراث العربي

No comment

اترك تعليقاً