قدم ا.م.د احمد عبدالواحد عبدالنبي التدريسي في قسم توثيق بغداد شرحا معاصرا عن شخصية وطنية من العهد الملكي في العراق وهو العلامة الشيخ الشبيبي
بالقول : وهومحمد رضا جواد الشبيبي شاعر من نوابغ الشعراء المتأخر وزعيم وطني، مفكر رصين شديد التؤدة والأناة، ابتلي بالسياسة فكان مصلحا اجتماعيا مثالي النزعة أكثر منه سياسيا ورجل دولة .ولد في مدينة النجف الاشرف عام 1889 ، وتلقّی دراسته في مدارسها الدينية، نشأ في رعاية والده الذي كان أديبًا شاعرًا له ديوان ومجموعة من الرسائل سماها “اللؤلؤ المنثور على صدور الدهور” حيث يقول الشبيبي نفسه عن مجلس والده:” ولم يزل ناديه من أبهج نوادي الأدب في النجف، تلقى فيه المحاضرات النافعة، وتجري فيه المناظرات المفيدة، والمذاكرات العلمية فهو مجتمع الطبقة العليا من المهرة الذين يفعل أحاديثهم في الألباب مالا تفعل السحرة”،وهكذا فقد هيأ له المجلس مجال التعرف على عشرات الأدباء والعلماء والامتزاج بهم، والتأثر بآرائهم وينتمي إلى الأسرة الشبيبية المعروفة في مدينة النجف ، وتلقى محمد رضا علومه الأولى في الكتّاب ، كما درس علوم العربية والمنطق والفقه والأدب على علماء عصره، ثم تحول إلى الثقافة الحديثة فدرس الفلسفة وغيرها من العلوم، وذلك بعد أن انقطع عن إكمال مراحل الدراسة التقليدية في النجف بعد اجتياز المرحلة الأولى منها أي المقدمات، أقبل علی المطالعة والتزوّد من معين العلم والثقافة حتّی احتلّ مکانة مرموقة بين علماء عصره، وجاب كثيرًا من البلاد العربية منها: سورية والسعودية ومصر. وشغل عدّة مناصب دينية وسياسية ؛ فقد اختير رئيساً للمجمع العلمي العراقي، ونادي القلم مع نخبة من المفكرين منهم جميل صدقي الزهاوي وعباس العزاوي و محمد فاضل الجمالي ومحمد باقر الشبيبي ، فكان عضواً في هيئتها الادارية ثم رئيس للنادي بعد وفاة الزهاوي عام 1936 ، کما انتُخب رئيساً لمجلس الأعيان(1935) ومجلس النوّاب(1944)، وشغل منصباً وزارياً في الدولة هو وزارة المعارف عدّة مرّات ( 1924-1948).وانتخب رئيساً للمجمع العلمي العراقي فقد انيط به رئاسة هيئة لاختيار الشخصيات العلمية المؤهلة للعضوية ، وفي اول اجتماع للمجمع العلمي العراقي انتخب الشبيبي بالاجماع اول رئيس لاول مجمع علمي عراقي فكان ذلك تشريفاً له. وكان عضوًا في المجمع العلمي العربي بدمشق، والمجمع اللغوي في القاهرة، ونادي القلم العراقي. ومن أبرز جميل صفاته:
ـ كانت صفات الشبيبي اصيلة غير مصطنعة وبقيت تلازمه حتى يوم وفاته ….
فمن صفاته انه لم يكن يعرف للتعصب معنى اياً كان شكله قومياً ام دينياً ام طائفياً
وهو ما جعل الجميع يتحدثون اليه بحرية في تبادل الرأي بعيداً عن الغرور والكبرياء . وتميز الشبيبي بطبع هادئ فكان يكتم غضبه ولم يرد على منتقديه شفاهاً او كتابة ً..
ولا يجامل احداً حتى اذا كان ذلك الشخص نوري السعيد الذي كان يكنُّ للشبيبي احتراماً خاصاً .وكان الشبيبي حلو النكتة سريع البديهية يعرف جيداً ان لكل مقام مقال .
الى جانب ذلك فقد كانت مذكرات الشبيبي حول انتفاضة النجف عام 1917 مصدرا هاما اعتماد المؤرخين عليها :
ـ تتضمن مذكرات الشبيبي عن انتفاضة النجف معلومات تفصيلية مهمة عن طبيعة تلك الانتفاضة ونتائجها .. وقد تحولت هذه المذكرات الى اهم مصدر تاريخي اعتمد عليه ابرز الباحثين ، منهم :
ـ عبد الرزاق الحسني كونه مؤرخاً مختصاً في تاريخ العراق الحديث والمعاصر ..
ـ كما استفاد الدكتور علي الوردي من تلك المذكرات عند دراسته عن تاريخ العراق الاجتماعي .
ـ وهكذا استمر الامر بالنسبة للباحثين الآخرين منهم حسن الاسدي الذي الف كتاباً بعنوان :
( ثورة النجف على الانكليز ) اذ يذكر في مقدمة الكتاب اعتماده على مذكرات الشبيبي .
ـ كما استقى الشيخ جعفر محبوبه من المذكرات في كتابه : ( ماضي النجف وحاضرها ).
اما عن موقعه في الاحزاب العراقية بالعهد الملكي فكان الشبيبي من ابرز اعضاء حزب (الاخاء الوطني )الذي تأسس اواخر عهد الانتداب ، وكان عضواً في هيئتها الادارية . وفي عام 1951 كان الشبيبي من مؤسسي حزب( الجبهة الشعبية المتحدة ) وانتخب رئيساً لهذا الحزب وكان اول اجتماع لهم في بيت طه الهاشمي وكان من بين اعضائه الهاشمي ومزاحم الباججي وصادق البصام ومحمود الدرة وغيرهم .
ومن مؤلفاته :
• ديوان الشبيبي طبع 1940
• مؤرخ العراق ابن الفوطي عام 1950 الجزء الأول منه، وقال عنه الدكتور حسين علي محفوظ: إن الذي حمل الشبيبي على إخلاد ابن الفوطي وجعله معنياً به، وعظمّه في عينه؛ هو تشابه الرجلين، فهما اللذان أرخا العراق، ودونا أخباره، تصيدا أبناءه
• أصول ألفاظ اللهجة العراقية، طبع عام 1956.
• فن التربية في الإسلام (محاضرة) عام 1958.
• لهجات الجنوب، طبع عام 1961.
• ابن خلكان وفن الترجمة، طبع عام 1962.
• القاضي ابن خلكان: منهجه في الضبط والإتقان، طبع عام 1963.
• أدب المغاربة والأندلسيين، طبع عام 1961.
• رحلة في بادية السماوة، طبع عام 1964.
• رحلة إلى المغرب الأقصى، طبع عام 1965.
• تُراثنا الفلسفي، حاجته إلى النقد والتمحيص، طبع عام 1953.
وفاته وتشيعه :
توفي فجر يوم الجمعة 25 / 11 / 1965 اثر نوبة قلبية المت به وكان وفاته بعد يوم واحد من عودته من القدس حيث كان مشاركاً في انشطة الاحتفال بالاسراء والمعراج الذي عقد في القدس الشريف وقد شيع جثمانه تشيعاً مهيباً من مسكنه في الكرادة الشرقية الى الكاظمية ومنها الى جسر الخير سيراً على الاقدام مسافة طويلة تحمل الاكف خلالها النعش في خشوع واجلال ، ثم نقل الى كربلاء في موكب فريد ضم اكثر من الف سيارة ثم شيع الى النجف الاشرف ودفن في مقبرة آل الشبيب واشترك في تشيعه كبار الادباء والعلماء والمسؤولين في الدولة العراقية ..
No comment