بالرغم من الظروف التي يمر بها بلدنا العزيز من تفشي جائحة فيروس كورنا ومن اجل اكمال عجلة المسيرة العلمية دون توقف نظم مركزنا مركز احياء التراث العلمي العربي وباشراف مدير مركز احياء التراث الاستاذ الدكتور رياض سعيد لطيف ورشة عمل يوم الاربعاء الموافق 7/4/2021 بعنوان (طرائق معالجة الاوبئة في التراث) في قاعة الأستاذة نبيلة عبد المنعم في مركزنا القاها الاستاذ الدكتور سعدي ابراهيم الدراجي رئيس قسم العلوم الصرفه في مركزنا حيث بين مسببات الموجات الوبائية القاتلة لأمراض خطيرة مثل الطاعون والكوليرا والجدري في موت مئات الالاف من العراقيين اثناء العصر العثماني. اذ شهدت البلاد في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وبداية القرن العشرين (19) تفشيا وبائياً للطاعون. منها خمسة تفشيات كانت واسعة الانتشار. كما شهد العراق تفشي وباء الكوليرا في هذه الحقبة وقد بلغ عددها (16) مرة وبشكل واسع. اما الجدري فقد كانت تفشياته محدودة في نهاية العصر العثماني.
لقد اسهمت عوامل كثيرة في انتشار الاوبئة في العراق. منها العوامل التي لها صلة في مناخ العراق وتربته. والكوارث الطبيعية، وتردي الصحة والنظافة العامة، وتدني المستوى الاقتصادي للمجتمع، والتخلف الاجتماعي والثقافي، كل تلك العوامل اسهمت في انتشار الاوبئة الفتاكة وتواتر هجماتها على العراق. وركز الباحث في حديثة عن اثر الكوارث الطبيعة التي فاقمت من خطورة الاوبئة والامراض، ولاسيما الفيضانات العديدة التي كانت تغمر مدينة بغداد. ويتزامن الفيضان احيانا مع انتشار الطاعون في نهاية موسم الربيع، كما حدث في عام (1931) خلال مدة حكم داود باشا حيث عجزت كل الاجراءات المتخذة ايقاف زحف الطاعون الذي تزامن مع الفيضان. وقد سبب ذلك في نهاية حكم المماليك في العراق وعودة الحكم العثماني المباشر.
كما تعرض الباحث الى الاجراءات والجهود العثمانية والدولية للسيطرة على الوباء منها على سبيل المثال : الرقابة على المعابر الحدودية واقامة محاجر صحية. والتطعيم ضد الامراض المعدية. فضلا عن الجهود الكبيرة التي بذلها الاطباء الاجانب والدبلوماسيين. كل ذلك ادى الى وقف زحف الاوبئة نحو العراق والسيطرة عليها.
كما تحدث عن المؤسسات الصحية وضعف ادائها. اذ تفتقر مدن العراق في العهد العثماني الى المستشفيات الحديثة. فلا يوجد في بغداد غير مستشفى الغرباء الذي اسسه مدحت باشا عام (1872) ومستشفى اخر عسكري. وكانت هذه المستشفيات ضعيفة الاداء لان كوادرها وخدماتها محدودة. اذ لا يوجد في المستشفى غير ثلاتة أطباء او اربعة، وهذا العدد غير كافي لمعالجة مئات المرضى من سكان بغداد. وقلة الكوادر ومحدودية كفاءتها تنسحب على باقي مدن العراق التي شهدت بناء مستشفيات كالموصل والبصرة وكربلاء وكركوك والسليمانية.
ان من اهم المحطات التي توقف عندها الباحث، هي الطرائق والاجراءات الكفيلة للحد من انتشار الاوبئة في العراق طيلة القرن التاسع عشر. منها على سبيل المثال الرقابة الصحية والتشديد على المعابر الحدودية وكذلك في المناطق الداخلية. واقامة محاجر صحية للزوار القادمين الى العراق عبر الطرق البرية او النهرية. ومن الجهود المبذولة للسيطرة على الوباء تبني اجراءات وقائية متنوعة كتطهير البيوت بالمواد الكيمياوية وحرق مستلزمات المريض بالنار وعزل المريض، وكذلك التطعيم ضد الامراض المعدية، وقد كانت هناك محاولات لإنتاج تطعيمات ناجحة في امريكا وبريطانيا ضد الطاعون في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. ومن الامور المهمة في هذا الشان هو تشكيل لجان متخصصة لمتابعة تطور الامراض وانتشارها. كل ذلك قد يسهم في الحد من انتشار الاوبئة.
No comment