نظم مركز احياء التراث العلمي العربي في جامعة بغداد وباشراف مباشر من مديرة المركز الاستاذ الدكتورة الاء نافع جاسم سمنار بعوان (الشيخ المفيد ودوره الإصلاحي في المجتمع العربي الإسلامي ) يوم الاربعاء الموافق 30/6/2021 وعلى قاعة الاستاذة نبيلة عبد المنعم في مركزنا وبحضور عدد من الاستاذة والبحثين القت السمنار م.د. سندس زيدان خلف التدريسية في مركزنا متحدثة عن تميز القرن الرابع الهجري بالنهضة العلمية للدولة العربية الإسلامية بكافة جوانبها، مما حفز عدد من العلماء الأكفاء للعب دورهم في الإصلاح ومنهم الشيخ المفيد (ت413هـ) شيخ الأمامية ،تميز بشخصيته المتفتحة التي ساهمت في إنجاح منهجه الإصلاحي للوصول إلى توحيد صفوف المسلمين بمختلف مذاهبهم وطوائفهم في ظل الدولة الإسلامية.
الإصلاح هو التقويم لما اعوج ،والتصحيح لمن أخطى ،والتوجيه لمن تحير ،ووضع الأسس الصحيحة والعلاج الناجح لأخطاء برزت في المجتمع من اجل السيطرة عليها وإصلاحها ،بل وإنهاءها من اجل بناء مجتمع صالح.
أما الفكر الإصلاحي و الذي هو أساس الإصلاح فهو : ” جملة الأفكار والتصورات والمفاهيم والنظريات التي تشكل البناء المنظم للمعرفة الإصلاحية و التي هي نتاج لما هو مفكر فيه بمنطق عقلي بشري ضمن ظرفيات مكانية و زمانيه محددة.
من يدعوا للإصلاح في الاجتماع أو السياسة :يدعى مصلح اجتماعي أو سياسي.
الشيخ المفيد يعد المؤسس الأول لمدرسة أهل البيت ببغداد والزعيم الديني والعلمي للمنبر الأمامي استطاع بشخصيته أن يستقطب جمهورها ،والتف حوله أكابر علماء الطائفة.
عُرف الشيخ المفيد بتصانيفه الغزيرة ،فكان يعرف بـ (صاحب التصانيف الكثيرة)، ترك لنا قرابة ألمائتي مؤلفاً منها : الإرشاد في معرفة الله على العباد، الاختصاص،ألآمالي ،المسائل الصاغانيه ،….وغيرها من المؤلفات ،وهنالك عدد كبير منها غير موجود ورد ذكرها في كتب تلامذته
كان لشخصية المفيد دورا مهما في نجاحه بتحقيق منهجه الإصلاحي في المجتمع العراقي لكونه ذا شخصية فذة وصاحب خُلق حميدة وورع وتقوى وحكمة وفطنة ودراية أهله لتحقيق أهدافه في توحيد صفوف الأمة الإسلامية.
أهم أدواته لتحقيق منهجه :الخطب من خلال منبره ،محاضراته ،المناظرات للرد على الخصوم ،حلقات الدرس ،إعداد التلاميذ لحمل أفكاره من بعدة لإتمام ما بدائه من إصلاح، مؤلفاته .
إضافة إلى خطابة الإصلاحي فقد سار على منهج الخطاب ألقراني بدعوة المخالفين بالحكمة والرفق قال تعالى :”ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن “.
جعل الفرد المسلم جل اهتمامه سيرا على نهج الإمام الصادق (u) بغية الوصول لإصلاح المجتمع فلابد من التركيز على صلاح الفرد فإن ما يجري على الفرد من عوارض الصلاح والفساد، والصحة والسقم، والتقدم والتأخر, يجري على المجتمع, لأنه مجموعة من الأفراد.
الاستعانة بالعقل فهو دليل المؤمن ، بخلق التعايش السلمي للفكر الأمامي وبقية الطوائف في بغداد ،وقعت زمن المفيد اضطرابات وفتن طائفية في بغداد ، إلا انه بحكمته استطاع أن يصلح الأمر ويسوي هذه الفتن بمحاورة الأهالي بضرورة قبول أراء كل المذاهب بما يتلاءم مع العقل.
تطهير النفس وتهذيبها يقود إلى الصلاح بالمحافظة على الفرائض وترك المحرمات، والإتيان بما ينبغي, والاحتراز عما لا ينبغي.
أدرك المفيد أن الدين قوه عظيمة لذا دعا إلى التمسك بالإسلام بصفائه ونقائه وشموليته دون إي تغيير أو تحريف أو زيادة أو نقصان ،والسير على ما سار عليه النبي (ﷺ) والأئمة الأطهار من بعده.
الحفاظ على هوية الأمة الإسلامية و تخليصها من المفاهيم الخاطئة و الأفكار المتطرفة والدخيلة والبدع والخرافات ، وتصحيح ما حرف من الأحداث التاريخية التي تخص الرسول (ﷺ) وأهل بيته.
وفاته ومرقدة الشريف
مات ليله الجمعة لثلاث من شهر رمضان سنه 413هـ، وصلى عليه الشريف المرتضى أبو القاسم علي بن الحسين بميدان الاثنان ، وضاق على الناس مع كبره ، ودفن في داره سنتين ، ونقل إلى مقابر قريش بالقرب من أبي جعفر موسى الكاظم(عليه السلام)، ودفن عند الرجلين في جانب قبر شيخه أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه.
كان يوم وفاته يوما لم يرى أعظم منه من كثرة الناس للصلاة عليه وكثره البكاء من المخالف والموافق.
وجدت مكتوبة على قبره الشريف هذه الأبيات منسوبه لحضرة صاحب الزمان:
• لا صــوت النـاعي بفـقــــدك انــه يــوم علـى آل الرســـــول عـظـــــيم
• أن كنت قد غيبت في جدث الثرى فالعـدل والتوحيـــــــد فيــــــــك مقيـم
• والقــائم المهـــدي يفـرح كــلـمـا تـلــيـت علــيك مـن الـدروس علــوم
No comment