نظم مركز احياء التراث العلمي العربي في جامعة بغداد يوم الاربعاء الموافق 10/11/2021 وعلى قاعته وبحضور عدد من الاساتذة والباحثين ندوته العلمية الموسومة ( المهن العلمية في التراث ) افتتحت الندوة بقراءة اية من الذكر الحكيم ثم قراءة سورة الفاتحة على ارواح الشهداء ثم القيت اولى البحوث للدكتور سعدي ابراهيم الدراجي رئيس العلوم الصرفة في مركز احياء التراث وبحثه الموسوم (مهنة الكتابة في مدارس العراق القديم ) متحدثاً عن المدارس في بادئ الأمر حيص كانت جزءاً ملحقا بالمعابد، وهي اقرب او أشبه بالمؤسسات الدينية لتدريب الكهنة والأشخاص الذين يلتحقون بوظائف الكتبة في خدمة المعابد والقصور، وبانتشار الكتابة والمعارف والعلوم انتشرت المدارس بشكل أوسع خاصة في بداية الألف الثاني قبل الميلاد. وكانت المدارس تحت إشراف الدولة والمعبد وكان بعضها ملحقا بالمعبد والبعض الآخر بالقصر، وظهرت المدارس في عدد من المواقع العراقية مثل: اور وكيش ولارسا وسبار وادب وتل حرمل وتل الدير ومواقع ديالى وحوض سد حمرين وخاصة تل السيب وحداد بدليل العثور على أعداد من الرقم الطينية ومنها النصوص المدرسية. الوثائق الرسمية والقانونية كانت تحفظ في القصر او الأماكن الإدارية، اما النصوص المدرسية والنصوص الدينية، كنصوص التراتيل والأناشيد الدينية وغيرها فكانت تحفظ اما في المدارس او على الأغلب في المعابد. ثم المحاضرة الثانيه القتها مديرة مركز احياء التراث الاستاذ الدكتورة الاء نافع جاسم وبحثها الموسوم (الصيدلة عند العرب) معرفة الصيدلة هي إحدى العلوم التي جذبت إنتباه المسلمين ، فاستطاع العرب أن يميزوا حضارتهم بأنها حضارة عُرفت فيه المركبات الدوائية بصورة علمية وفعالة ، فأنهُ إختراع عربي إسلامي أصيل فضلاً لما أضافوهُ من مركبات عديدة من إختراعهم .
وتعريف الصيدلة على حد قول البيروني ” هو معرفة العقاقير المفردة ، بأجناسها وأنواعها وصورها المختارة لها ، وخلط المركبات من الأدوية ، بكُنهِ نسخها المدونة ، أو بحسب مايريد المُريد المؤتمن الصالح”
ولفظ الصيدلة في الأصل كلمة هندية معربة وأصلها في الهندية جندنانى أو جندن أو جندل وهو يعني بالهندية الصندل وهو نبات طيب الريح .إن إهتمام المسلمين بعلم الصيدلة في أول الأمر كان مرتبطاً بالنبات وبعلم الكيمياء والطب ، أي كان علم الصيدلة في بداية نشأتهِ عند العرب جزءاً من الطب فضلاً عن إعتمادهم على الكيمياء في تركيب الأدوية فالصيدلة هي علم الأدوية فصناعة الدواء تقوم على تركيب العناصر الكيميائية وقد كان يقوم بها الأطباء ، لذا كان الطبيب يقوم بفحص المرضى وتشخيص أمراضهم ، ويقوم بتحضير الأدوية الخاصة لعلاجهم من الأعشاب والنباتات ” و أصبح علم الصيدلة في العصر العباسي علماً قائماً بذاته مكملاً لمنهة الطب .أي أصبح مهنة مستقلة في بداية القرن الثالث الهجري على يد العلماء المسلمين فيصفها البيروني بقولهِ ” إن الصيدلة أصبحت مستقلة عن الطب لغوياً كانفصال علم العروض عن الشعر ، والمنطق عن الفلسفة لأنها عامل مساعد للطب أكثر من كونها تابعة لهُ ” وقد كانت هذه المهنة تمتاز بالتنظيم بمستوى عالي فلم يكن الصيادلة الحق في ممارسة المهنة إلا بعد الترخيص لهم ، وقد تم تقييد أسمائهم بجداول خاصة بالصيادلة ، كما كان لكل مدينة مفتش خاص للصيدليات وتحضير الأدوية .
وألف علماء المسلمين في الصيدلة والطب فضلاً عن تركيب الأدوية ومنها للحصر : كتاب الحاوي ، ومنافع الأغذية ، وصيدلية الطب للرازي ، و الصيدلة في الطب للبيروني ، وكامل الصناعة لعلي بن عباس ، والقامون لأبن سينا ، وكتاب تذكرة أولي الألباب والجامع للعجب العجاب لداود الأنطاكي ، وكتاب الجامع في الأشربة والمعجونات لأبن زهر الأندلسي ، وكتاب الجامع لصفات أشتات النباتات وضروب أنواع المفردات من الأشجار والأثمار والأصول والأزهار لأبو عبدالله محمد الأدريسي وغيرها ثم المحاضرة الثالثة للدكتورة زينب كامل كريم التدريسية في مركز احياء التراث وبحثها الموسوم (العلماء المسلمون وجهودهم في الطب النفسي )
مسلطة الضوء على جهود العلماء المسلمين في الطب النفسي علما وصنعة في الحضارة العربية الاسلامية وبيان أثرهم في تطور هذا اللون من الطب حتى انه اول مشفى أقيم للعلاج النفسي كان في بغداد ، وعرفت بعض المدن خصوصا بغداد باعتبارها مركزا للتعليم الطبي وارساء قواعد لتنظيم ممارسة مهنة الطب عن طريق النقل والترجمة والتأليف وبرز علماء كبار وأطباء وكثرت التآليف وقد حافظ الاطباء المسلمون في كتاباتهم عن الامراض العقلية وعلاجها على روح علمية صادقة تؤازرها الملاحظة والتجربة فلم يعزوا كما فعل اطباء الحضارات السابقة تلك الامراض الى التأثيرات الخارجة عن نطاق الطبيعي كعمل الارواح الشريرة التي أتت بهذه الامراض عقابا لآثام بل نجد استقراء وتشخيصا ومعالجة في الحدود الطبيعية لجسم المريض وظروفه البيئية والاجتماعية التي تؤثر فيه. ومما ركز عليه البحث متابعة جهود عالمين مشهورين وهما أبو زيد البلخي في كتابه مصالح الابدان والانفس وابن سينا في كتابه القانون في الطب الطب النفسي والحضارات القديمة : عرف الانسان الاضطرابات النفسية وكثيرا من وسائل علاجها منذ القدم فهي لم تكن وليدة عصرنا هذا فقط ونتيجة لمتغيراته الحضارية ، وانما هي قديمة قدم الانسان نفسه ، ومن هنا سنحاول ايجاز القول في رؤية كل حضارة للأمراض النفسية وكيفية علاجها في اطار الطب النفسي الذي شاع في تلك الحضارة ومنذ ذلك الوقت المبكر في تكوين الخبرة البشرية لمواجهة الامراض الجسمية والنفسية ولقد حاول الانسان ان يجد الحلول لتلك الظواهر النفسية منذ عصور التاريخ الاولى حتى قبل ان بشخصها بوصفها مرضا مثلها مثل المرض البدني ، ولذا فقد عالجها بشتى الوسائل المتاحه والمتيسرة بين يديه وكما فسرها طبقا لمعتقداته الروحية والاجتماعية ، وما اعتنقه من معتقدات روحية واجتماعية بسيطة بساطة المجتمعات الأولى تجاه تلك الامراض .وتشير بعض الدلائل الأثرية إلى أن إنسان العصر الحجري قد لجأ الى فتح ثقوب في جمجمة المريض النفسي لتخرج منها الأرواح الشريرة الحبيسة بداخله اهتم الرومان بالجوانب العلاجية في الطب النفسي وقسموا الأعراض والأمراض النفسية الى أعراض وأمراض قابلة للشفاء وأعراض وأمراض غير قابلة للشفاء ، وقد سن الرومان عددا من القوانين التي تحمي المرضىى النفسانيين وتحفظ حقوقهم أما في الحضارة اليونانية فلاشك أنهم أخذوا الكثير من معارفهم عن كل من قدماء المصريين والبابليين حيث اهتم أطباء اليونان بنتاج الأمم السابقة عليهم والمجاورة لهم وزادوا على طب هذه الحضارات الكثير لأن العقلية اليونانية تميزت بأنها عقلية منطقية نشطة لذا صار لهم شأن عظيم في ميدان علم الطب وانتهج اليونانيون طريقين في العلاج : طريق يعالج المرضى بالكهانة والسحر وكان سدنة هذا التطبيب يتوارثون هذه المهنة وينسبون الأمراض الى أعمال الشياطين والعلاج الى أعمال الآلهة ، والطريق الآخر اشتغل بالطب على أنه فرع من الطب الطبيعي واهتموا بالتشخيص الوصفي وكان ذلك تجاه الفلاسفة وقد اعتبر أبقراط ومن ورائه جالينوس أن الامراض النفسية هي أمراض مثلها مثل كل الامراض الجسمية وهي ناشئة عن زيادة الأخلاط في الجسم وليست عن أرواح شريرة كما كان يعتقد من سبقهم ، فقد اعتقدوا بنظرية الاخلاط وهي أن السوائل الموجودة في جسم الانسان هي : الدم والبلغم والعصارتين الصفراء والسوداء وتبعا لذلك قسموا سلوك الإنسان الى أنماط بحسب تغلب نوع خلط السائل في جسم كل إنسان ومسك ختام الندوة لرئيس قسم ثوثيق بغداد في مركز احياء التراث الدكتورة خمائل شاكر الجمالي وبحثها الموسوم (منهج ابن خلدون في التربية )
معرفة ( ابن خلدون) عبقرية عربية متميزة ، فقدّ كان عالمًا موسوعيًا متعدد المعارف والعلوم، وهو رائد مجدد في كثير من العلوم والفنون، فهو المؤسس الأول لعلم الاجتماع، وإمام ومجدد في علم التاريخ ، وأحد رواد فن (الأتوبيوجرافيا) ـ فن الترجمة الذاتية ، كما أنه أحد العلماء الراسخين في علم الحديث ، وأحد فقهاء المالكية المعدودين ، ومجدد في مجال الدراسات التربوية ، وعلم النفس التربوي والتعليمي، كما كان له إسهامات متميزة في التجديد في أسلوب الكتابة العربية. وكان منهج ابن خلدون في التربية أنه وضع للتربية اهدافاُ من جملتها هي: 1- إعطاء الفرصة للفكر لكي ينشط 2- إعطاء الإنسان الفرصة لكي يحيى حياة طيبة في مجتمع راقٍ متحضر. 3- إعطاء الإنسان الفرصة لكسب الرزق وتنمية الخصال الحميدة فيه ويعتبر أن الأساس في التعلّم القرآن الكريم وقدّ ذكر أن ابن خلدون قسم العلوم إلى قسمين:
-الأول: العلوم النقلية: وهي العلوم التي ينقلها الإنسان عمن وضعها, وكلها مستندة إلى الخبر من مصدره الشرعي ولا مجال للعقل فيها, إلا إلحاق الفروع بالأصول, ومن هذه العلوم, علم التفسير, علم القراءات, علوم الحديث, علم أصول الفقه, علم التوحيد, علم البيان, علم الأدب .
-الثاني: العلوم العقلية: وهي التي يهتدي إليها الإنسان بعقله وهي تشمل علم المنطق والعلم الطبيعي, والعلم الإلهي ( ما وراء الطبيعة ) وعلم النظر في المقادير (الرياضيات والفلك والهندسة) .
وقدّ رتب ابن خلدون في منهجه في التربية العلوم حسب أهميتها للمتعلم على النحو الآتي :
1-العلوم الدينية : وهي العلوم المقصودة بالذات مثل القرآن الكريم والحديث الشريف .
2-العلوم العقلية : وهذه أيضاً علوم مقصودة مثل العلم الطبيعي .
3-العلوم الآلية : المساعدة للعلوم الشرعية مثل اللغة والنحو والبلاغة .
4-العلوم الآلية المساعدة للعلوم العقلية مثل علم المنطق .
ويذكر أن ابن خلدون شدد على استمرارية التعليم من المهد إلى اللحد وأنه ليس هناك حد ينتهي عنده التعليم ، وأهم الآراء التي ذكرها ابن خلدون في مقدمته . يقرر ابن خلدون أن العقل الإنساني يشوبه القصور، وأن مراتبه تختلف باختلاف البشر، وخاصة في المراحل الأولى من حياة الإنسان، وقد ذكر أن عقل الإنسان لا يستطيع أن يستوعب العلوم التي تكثر فيها المصطلحات والمؤلفات، وقد ذكر في المقدمة ”اعلم أنه مما أضر بالناس في تحصيل العلم والوقوف على غاياته كثرة التآليف واختلاف الاصطلاحات في التعليم، وتعدد طرقها، ثم مطالبة المتعلم باستحضار ذلك” ويقصد ابن خلدون هنا، كثرة المؤلفات والمصطلحات في العلم الواحد, بحيث يؤدي ذلك إلى نفور المتعلم من التعليم, وابن خلدون يهدف إلى التيسير علم المتعلم وبالخصوص في بداية عهد الطالب بالتعليم .
No comment