باشراف مديرة المركز الاستاذ الدكتورة الاء نافع جاسم نظم مركز احياء التراث العلمي العربي صباح يوم الاربعاء الموافق 27/4/2022 وعلى قاعته سمنار بعنوان (مرقد النبي يونس(يونان) في الموصل) القي السمنار الدكتورة وسن حسين محيميد رئيس قسم المخطوطات في مركزنا متحدثة هو يونان بن أمتاي، ومعنى اسمه (الحمامة) من أنبياء بني إسرائيل الصغار، عُرف بمعصيته لأمر الله، إلا أنه عاد إلى طاعته في النهاية، له سفر في العهد القديم على خلاف باقي الأسفار النبوية، مكتوب بشكل قصة إذ يصف سفر يونان مغامرات نبي حاول أن يعصي أوامر الله فقد أمرهُ أن يذهب إلى نينوى ويندّد بتصرفات أهلها:” قم اذهب إلى نينوى، المدينة العظيمة، وناد بما أقولهُ لكَ”. بلغ يونان أهل نينوى رسالة الله ثم اكتئب لأن الله لم يُنفذ وعيدهُ بإهلاكهم، إذ شاءت عنايته أن يصفح ويُخلص على أن يعاقب ويُهلك لأنهم آمنوا بالله وتابوا” فآمن أهل نينوى بالله ونادوا بصومٍ ولبسوا مسوحاً من كبيرهم إلى صغيرهم”. وعند المسلمين يُسمى بيونس بن متى وذو النون أي صاحب الحوت وله سورة في القرآن الكريم باسمه فضلاً عن ذكره في سور أخرى.وتُطابق قصته في التوراة مع ما جاء عنهُ في القرآن الكريم، فضلاً عن امتداح الرسول الكريم(صلى الله عليه وسلم) له في قوله:” ما ينبغي لعبدٍ أن يقول أنا خيرٌ من يونس بن متى”. إلى قرية نينوى الواقعة شرقي الموصل يُنسب قبر النبي يونان(يونس)، وفيها عين تُعرف بعين يونس ويقال إنه في تلك البقعة ابتلعهُ الحوت في مخلط الماء بين الزاب ودجلة، وفي شرق الموصل تل التوبة الذي اجتمع عليه قوم يونس لما عاينوا العذاب، وتابوا وأمنوا فكشف الله عنهم العذاب، وكان على هذا التل هيكل الأصنام فهدموه وكسروا الأصنام. كان هذا الموقع قبل الميلاد معبداً آشورياً تم التوصل إلى ذلك من التنقيبات التي أجريت سنة 1853، وبعد ذلك معبداً للنار خاص بالفرس من ثم أصبح ديراً على اسم النبي يونس بن متى، كان عامراً حتى سنة (81ه/ 700م) ، وبانتشار الإسلام في العراق أصبح مسجداً وكل هذه القصور والمعابد التي أنشئت على تل توبة في حقب متباينة كانت تُشيد بعضها على أنقاض ما كان قبلها.ويرى البير أبونا أن رواية مجيء يونان النبي إلى نينوى وموته ودفنه في أحد تلال هذه المدينة رواية مُختلقة فبينما تصنع الرواية الأصلية الأحداث في البحر المتوسط تذهب الرواية المتعارف عليها إلى القول أن الحوت الذي ابتلع يونان النبي عاد فقذفه في موضع يدعى (بلد) شمالي الموصل، ويربطون بين لفظة (بلد) و (بلط) أي قذف، وكيف لهذا الحوت أن يأتي من البحر المتوسط إلى نهر دجلة، وكيف للعقلاء أن يصدقوا ذلك، فكل ما في الأمر أن الموضع الذي يطلق عليه الأن اسم (النبي يونس) أو (جامع النبي يونس) كان ديراً يدعى (دير يونان) وإن يونان هذا ليس (النبي يونس) بل هو راهب عاش في نحو نهاية القرن الرابع للميلاد. أما الضريح والتابوت اللذان عُثر عليهما في البناية واللذان عُدا خطأً ضريحاً للنبي يونس، فهما في الحقيقة قبر وجثمان البطريرك القديس حنانيشوع الأول الذي توفي سنة 700م في هذا الدير ودفن فيه، واكتشف جثمانه سليماً في قبره في منتصف القرن الرابع عشر. وعلى الرغم من ذلك ينسب اليهود عائدية المرقد للنبي يونس، وهو ما شاع في الوسط الإسلامي وتقبلهُ الكثيرون إلى يومنا. ومع أن أغلب الرحالة بدأوا بتشخيص المكان في القرن الرابع الهجري/ العاشر للميلاد. ومن الغريب أن لا يشير الرحالة بنيامين التطيلي الذي زار الموصل في القرن (6ه/ 12م) إلى قبر النبي يونس فيها. فقد اكتفى بذكر كنيسة عوبديا وأنها من بناء النبي يونة بن أمتّاي وكلامه مشكوكُ فيه، لأن دير يونان في القرن(6ه/12م) خراب إذ إن آخر ذكر له في سنة (320ه/ 932م) ولو أن بنيامين قصد دير يونان عند حديثه عن كنيسة عوبديا فلماذا يحدد له موقع آخر إذ يشير إلى أن قبر يونس بن أمتّاي في صفورية وهي كورة من نواحي الأردن بالشام. مع أن الرحالة والجغرافيين السابقين له أشار بعضهم إلى مرقد النبي يونس في نينوى، وبعضهم الآخر ذكر أن مرقدهُ يقع في أماكن أخرى منها النُخيل وهي منطقة في الكوفة، وهناك من قال إن هذا مجرد مقام وليس قبر النبي يونس، أو أن قبرهُ في حَلْحُولُ وهي قرية في بيت المقدس. ولعل مكانة النبي يونس في نفوس محبيه جعلت لهم أكثر من مرقد في أكثر من مكان رغبةً للتبرك به. وما زال مرقد النبي يونس في تل التوبة الذي تقوم فوقه قرية نينوى وجامع النبي يونس من مزارات اليهود في الموصل. وقد زاره العديد من الرحالة ونقلوا لنا الكثير مما شاهدوه عنه. والمرقد قد دُمر بتاريخ 24/ 7/ 2014 على يد ما يُسمى بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وتم حفر أنفاق لسرقة الآثار الآشورية المطمورة تحتهُ ومن المؤسف أنه صار أثراً بعد عين، وتجري عليه حالياً أعمال الصيانة والإعمار …
RashcAuthor posts
مركز احياء التراث العلمي العربي مركز يعنى بالتراث العربي
No comment