بإشراف مدير مركز احياء التراث العلمي العربي في جامعة بغداد الاستاذ الدكتورة الاء نافع جاسم وبالتعاون مع دار نجم المشرق الثقافية المتمثلة بالأب البير هشام نائب رئيس تحرير مجلتي بين النهرين ونجم المشرق قدم قسم المخطوطات في مركز إحياء التراث العلمي العربي جامعة بغداد الندوة العلمية بعنوان (الأثر الفكري للمثقفين المسيحيين في العراق ‘الدوريات ودور النشر انموذجاً”) يوم الإثنين الموافق ٢٣ / ٥/ ٢٠٢٢ في قاعة دار نجم المشرق الثقافية في زيونة ، ترأس الجلسة الأستاذ المساعد الدكتورة زينب كامل ومقررية المدرس الدكتورة سندس زيدان وشارك فيها ثمانية باحثين اولهم الأب البير هشام الذي قدم ورقةً بحثية بعنوان “جهود الأب يوسف حبّي في تدوين حركة النشر المسيحي في العراق”، حيث تحدث عن جهود الأب يوسف حبي في تدوين حركة النشر المسيحي في العراق استعرض فيها نتائج أربعة بحوث اجتهد فيها الأب العلاّمة حبّي في تدوين قرن ونصف من تاريخ العراق المعاصر (1856-1980)، في مجال النشر المسيحي في العراق، من تأسيس المطابع إلى إصدار الكتب والمجلات والنشرات المسيحية، وختم بأحكام الأب حبّي على ما نُشر لإلقاء الضوء أيضًا على المنشورات المسيحية اليوم. ومن من ثم تلاه الأب فيليب هرمز الدومنيكي رئيس تحرير مجلة “الفكر المسيحي” ( وموضوعه عن مجلة الفكر المسيحي _ تقديم تاريخي) تحدث عن المجلة تاريخيًا، منذ إصدارها عام 1964 من جماعة كهنة يسوع الملك في الموصل، في البداية على شكل سلسلة صغيرة الحجم إلى أن أصبحت مجلة، ثمّ استلم رئاسة تحريرها عام 1994 الآباء الدومنيكان في بغداد ولا زالت تصدر إلى اليوم، وتعدّ أول مجلة إعلامية مسيحية في العراق.
ومن ثم بحث للدكتور علي حداد التدريسي في مركز احياء التراث العلمي العربي بعنوان (اسهامات المثقفين المسيحيين في توثيق التراث الشعبي ونشره) متحدثاً في بدئها عن مفهوم الهوية الوطنية ودور المثقفين العراقيين ، والمثقفين المسيحين خاصة في ترسيخ قيمها عبر ممارسات ثقافية عديدة ، كانت وسائل النشر ، ومنها الصحف والمجلات أبرزها في تكريس تلك القيم والمناداة بها . ثم عرج الباحث على أسماء مجموعة من المثقفين المسيحيين العراقيين وما قدموه من إنجازات مهمة وفاعلة في مجال التراث الشعبي وفنونه المختلفة ابتداء بالأب (أنستاس الكرملي) و (رفايل بطي ، و (رزوق عيسى)و(يوسف غنيمة )، ليتوقف بإمعان عند ما كان للأستاذ الباحث في الفولكلور (لطفي الخوري) من أدوار نبيلة ومهمة ، حيث كان ضمن نخبة من المثقفين العراقيين الذين أصدروا بجهود شحصية أول مجلة عراقية تعنى بالتراث الشعبي سنة 1963م.
ثم جاءت أ.د. فاطمة زبار عنيزان تدريسيه في مركز احياء التراث والقت بحثها بعنوان ( الأثر الفكري للمثقفين المسيحيين في العراق / الصحافة أنموذجا) متحدثة عن تشكل الصحافة في مختلف أشكالها واحدة من الطرق والوسائل المهمة في نشر الأفكار كونها تمثل حلقة وصل بين الرواد والمتلقين من الفئات كافة كونها لاتعتمد على نوع معين من الأفراد أو فئة عمرية واحدة وكان للمثقفين المسيحيين الأثر الأكبر في نشر الثقافة الفكرية بكل أنواعها في العراق وما وصلت اليه من تطور ولعل ما يجدر تدوينه ومعرفته ان أول مجلة تصدر في العراق كانت مجلة “إكليل الورود” التي أصدرها الآباء الدومنيكان في الموصل سنة 1902 التي استمرت حتى سنة 1909 وشارك في تحريرها نخبة من المثقفين ورجال الدين، وامتازت مقالاتها بالتنوع على مختلف الميادين. وبعدها أصدر الآباء الكرمليون في بغداد سنة 1905 مجلة “زهيرة بغداد” بالعربية والفرنسية وساهم في تحريرها نخبة من الكتاب وابرزهم الأب انستاس الكرملي .
ثم بحث د وسن حسين محيميد تدريسية في مركز احياء التراث وعنوان بحثها ( مطبعة الآباء الدومنيكان في الموصل ) متحدثه عن حل الآباء المرسلين من رهبانية القديس عبد الأحد في الموصل حتى بدأ إهتمامهم بالطباعة ، وذلك في سنة 1856 بإيعاز من مجمع انتشار الإيمان الذي عهد إلى الآباء الفرنسيون منهم بتدبير هذه الرسالة ، التي كانت فيما مضى بعهدة الدومنيكان الايطاليين. فأنشأوا مطبعة تساعدهم في القيام بأعباء مأموريتهم الروحية ، ومنذ سنة 1859 باشروا في إعداد لوازم الطباعة فحاولوا نشر بعض الكراريس بالطبع الحجري لكنها لم تحقق آمالهم. كان السيد هنري أمانتون قاصداً رسولياً على ما بين النهرين. فأعجبه فكر المرسلين ، وقد رأى في بيروت ما ناله اليسوعيّون من المنافع الروحية الجمّة بمطبعتهم الحديثة لنشر التعاليم الدينية وردّ التهم البروتستانتية. فأخذ يسعى في تحقيق أمانيهم وبذل جهده وصولاً إلى غايته. وفي سنة 1860 إذ كان في باريس طلب إلى جمعية مدارس الشرق أن تُخصص لهذا المشروع مبلغاً كافياً فأجابت دعوته وأعطته 6000فرنك صرفها في استجلاب مطبعة مع ما يلحق بها من الأدوات ، واقتنى أيضاً حروفاً عربية وسريانية وفرنسية من حروف دار الطباعة العمومية في باريس ، وحروفاً كلدانية من مطبعة الإنكليكان في أورمية من أعمال العجم.
وتلاها م.م لقاء عامر تدريسية في مركز احياء التراث وبحثها الموسوم (اثر المثقفين المسحيين في خدمة التراث العلمي العربي (ميخائيل عواد انموذجاً) متحدثة عن المؤرخ العراقي الشهير في مدينة الموصل في ٢٣ شباط عام ١٩١٢م ونشأ بها وترعرع في اسرة موصلية مثقفة . فوالده كان من أشهر صناع آلة العود في العراق والشرق الأوسط والذي كان سبب في تسميتهم بيت العواد ،وامتد لقب الي اولاده وذريته وهذا الفخر الابوي شغف به ابنه (ميخائيل) وجعل يذكره في مقالاته ومذكراته:فيقول (ولنا المجد في ذلك ولنا المجد في صناعة هذا الوتر الشرقي) واصل مخائيل الدراسة في بغداد فتخرج في دار المعلمين الابتدائية عام ١٩٣١م. اشتغل في سلك التعليم عدة سنوات وفي عام ١٩٤٤م اختاره وزير المعارف ليكون سكرتيرا خاصا له ، وبقي يشغل هذه الوظيفة حتى عام ١٩٧٠م حيث احال نفسه على التقاعد وقد اشتغل خلال هذه السنوات البالغة 26 عاما بمعية عدد كبير من وزراء المعارف والتربية.
وتلتها م.م.بيداء عبد الحسن ردام تدريسية في مركز احياء التراث العلمي العربي وعنوان ورقتها (مجمعيون مسيحيون) فقد تناولت جهود ثلة من المثقفين والمفكرين المسيحيين في بلدنا العزيز من الذين قدموا ثمار جهودهم وعصارة إنجازاتهم الأصيلة الرائدة التي أسهمت في تطور العلوم والفنون والأدب لأمتنا العريقة، ممن عرفوا بعطائهم الثر في حقل اختصاصاتهم وتميز علمهم، ومواقفهم الوطنية المشهودة، فهم بحق أعلام المجتمع وصفوته في العراق، ولاسيما أنهم من الرعيل الأول الذي شق الطريق لتعبده الأجيال القادمة التي نأمل أن تبني غدا أفضل لبلدنا العزيز.
وختامها مسك مع المدرس المساعد ليث عصام العبيدي وموضوعه عن ( روفائيل بطي: قراءة في أبرز الطروحات الفكرية ) حيث قال هو أبن الأديب والصحفي العراقي رُفائيل بطرس بن عيسى بن بُطيِّ (1901-1956)، الذي له من الأولاد ثلاثة الأول (سليم) كان رائداً في مجال المسرح والأدب، ومن أوائل من كتبوا المسرحيات في الثلاثينيات، وكان من رواد الحركة المسرحية مع حقي الشبلي وسواه. والثاني (فؤاد) كان من أوائل كتاب القصة في العراق. لكن رفائيل توسم في أصغر أولاده (فائق) سناً الرغبة في امتهان الصحافة وخوض غمار السياسة، فكان كثيراً ما يستصحبه إلى إدارة جريدة (البلاد) ليبدأ المران مبكراً، وليكون لاحقاً القامة الكبيرة فائق بطي. ولد فائق بطي عام (1935-2016) في بغداد وأكمل مراحل الدراسة الثلاث الاولى في بغداد، الجامعية في الجامعة الاميركية في القاهرة عام 1959، وحصل على الدكتوراه من موسكو 1979، ثم عاد الى البلاد وترأس تحرير جريدة (البلاد) ومدير تحريرها 1958-1963، التي توقفت وتعرض للسجن مرات عديدة.
وفي نهاية الندوة قدمت الدكتورة الاء نافع جاسم مدير المركز درع الإبداع لدار نجم المشرق الثقافية تسلمه الأب البير هشام نائب رئيس تحرير مجلتي بين النهرين ونجم المشرق فضلاً عن تقديمها الشهادات التقديرية للمحاضرين . وتوجهت الدكتورة الاء بالشكر والامتنان لدار نجم المشرق والعاملين فيها على حسن استقبالهم وضيافتهم متمنية دوام التعاون العلمي البناء والمثمر لا غناء المسيرة العلمية لبلدنا العزيز.
No comment