بأشراف الاستاذ الدكتورة الاء نافع جاسم مديرة المركز نظم مركز احياء التراث العلمي العربي في جامعة بغداد صباح يوم الاثنين الموافق 2024/12/9 في تمام الساعة العاشرة صباحاً سمنار بعنوان ( عن خصائص اللغة لابن جني )القى المحاضرة م.د. بيداء عبد الحسن ردام متحدثة عن ابن جني الموصلي عالمٌ وسعَتْ سمعتُه الآفاق إذ كان عبقريَ اللغة حقًا في القرن الرابع الهجري فهو الرومي الذي أضحى عربيًا في حُبهِ للغة العربية وسَعيهِ في دراسةِ آفاقِها الرحبة هو الصرفيُّ المبجل والنحويُّ المحلى واللغويُّ المفسِر ووجهٌ مشرقٌ من وجوه حَضارة العراق . قال فيه أبو الطيب المتنبي :” ابن جني أعرفَ بشعري مني، وهذا رجلٌ لا يعرفُ قدرَهُ كثيرٌ من الناس”، أما عن فضلهِ في العربية فقد كان من حذاقِ أهلِ الأدب وأَعْلمهمِ بعلمِ النحو والتصريف صنفَ في النحو والتصريف كُتبًا أبدعَ فيها كالخصائص والمنصف وسر الصناعة (سرُ صناعةُ الإعراب) وصنفَ كتبًا في شرح القوافي وفي العروض وفي المذكر والمؤنث الى غير ذلك ولم يكن في شيءٍ من علومهِ أكملَ منه في التصريف ولا تكلم فيه أحسن ولا أدق كلامًا منه. أما كتابُه الخصائص فمن أهمِ كُتبِ ابن جني وأشهرِها في أصولِ اللغةِ والتصريفِ والنحو ولعلَ الذي دفعَهُ الى محاولةِ تأصيلِ هذه العلومِ الثلاثةِ، هو تعظيمُهُ لهذهِ اللغةِ وإجلالها التي فاخرَ بها العجمَ مفضلًا إياها على لغتهِم، بقوله:” لو أحسَتْ العجمُ بلطفِ صناعةِ العربِ في هذه اللغة، وما فيها من الغموض والرقة لاعتذرَتْ من اعترافِها بلغتِها” يقعُ الخصائص في ثلاثةِ أجزاء حققَهُ الأستاذُ محمد علي النجار إذ غَلبَ على كتابِ الخصائصِ طابعِ الاستقصاءِ والغوصِ في التفاصيل والتعمق في التحليل واستنباط المبادئ والأصول من الجُزئيات على حدِّ قولِ محققِ الكتاب، أما عن سبب تسميته بالخصائص نجد في مقدمة كتاب الخصائص أنه يرى أن كتابه من أشرفِ ما صُنف في علم العرب وأذهبه في طريق القياس والنظر وأجمعه للأدلةِ على ما أودعَتْهُ هذه اللغة الشريفة من خصائص الحكمةِ ونُيطتْ به من علائقِ الإتقان والصنعة الى آخره من كلامه عن الكتابِ فيعدُّ من المصادر العربية المهمة؛ فكما أنه محلُ اهتمام النحويين واللغويين يجب أن يكون محل اهتمام البلاغيين والمتأدبين. فما يضمُه الكتابُ لا يختص بعلم النحو أو الصرف أو علمِ أصول اللغة وفقِهِا فقط، بل يتجاوز الى أن يكون مَعينًا لا ينضب من خصائص النُظم أو القيم البلاغية التي أفصح عنها ابن جني –رحمه الله- ويتضح ذلك في مناقشاته المفيدة لأساليب الفصحى من أشعار القدماء والمعاصرين له، ومن أقوالهم المأثورة لاستنباط العلل النحوية والتصريفية، أو لإقامة الدليل على صحة القضايا اللغوية أو النحوية أو النقدية أو التعبيرية، إذ قال في كتابه الخصائص:” فإن هذا الكتابُ ليس مبنيًا على حديث وجوه الإعراب وإنما هو مقام القول على أوائلِ أصولِ هذا الكلام وكيف بُديء وإِلآم نُحِي وهو كتابٌ يتساهمُ فيه ذَوو النظر من المتكلمين والفقهاء والمتفلسفين والنحاة والكُتّاب والمتأدبين في التأمل له والبحثُ عن مسْتَوْدَعِه فقد وجب أن يخاطبُ كلَّ إنسانٍ منهم بما يعتاده، ويأنسُ به ليكون له سهمٌ منه، وحِصةٌ فيه . إذن هو كتابٌ يخاطبُ كلَّ من يتصفحهُ بتخصصه وما أَلفهُ من حجج كلامية أو فقهية أو فلسفية أو نحوية أو بلاغية.