كثيرة هي الأصوات التي ترتفع من هنا وهناك للحديث عن التمزق الايديولوجي في العالم الاسلامي،ومن بينها تلك التي تدعو إلى الوحدة الإسلامية ،التي يؤمن اصحابها بتوفر  مقوماتها، وانها الحل المثالي للمشاكل التي يعاني منها العالم الإسلامي برمته. بوصفها اقوى سلاح يخشاه اصحاب نظرية صدام الحضارات» “ Clash of Civilizations  التي نادى بها استاذ العلوم السياسية في جامعة هارفارد الاميركية « صموئيل هنتنغتون « والتي ترتكز  فكرتها على أن الثقافة أو الهوية الحضارية هي الأساس في تشكيل نماذج التماسك والتفكك والصراع في عالم ما بعد الحرب الباردة . 



وإن أكثر الصراعات انتشاراً وأهمية وخطورة ستكون بين شعوب تنتمي إلى هويات ثقافية مختلفة، وإن هذا الصراع حتمي، لأنه سيكون ليس بين القوى العظمى، ولكن بين الحضارات التي يقسمها هنتنغتون إلى ثلاثة أصناف منها الحضارات المتحدية، وهما الحضارتان الإسلامية والصينية، والعلاقة بين المتحدية والغربية، علاقة متوترة ومشدودة وعدائية ، والإسلام بنظره هو العدو الأول، لأنه يرى أن الإحياء الإسلامي قد أعطى للمسلمين الثقة في أهمية حضارتهم وقيمهم، مقارنة بالحضارة الغربية ووصل الأمر بالرئيس الاميركي (جورج بوش الابن) أنه وصف الدين الاسلامي، بأنه «فاشية إسلامية»، ومن هذه العبارة يمكن استنتاج أحد أهم أسباب التوترات القائمة في العلاقة بين المسلمين والمجتمع الاورو – اميركي . 



من هذا المنطلق ستكون الوحدة الإسلامية هي الدواء لكل الداء المنتشر في جسم الأمة الإسلامية ، والناقلة لها من هيمنة وتقليد الحضارة الغربية إلى الندية والقوة الكافية للوقوف بوجه الحضارة الغربية  ولكي يتحقق هذا الهدف السامي وينتقل من الشعارات الى التطبيق العملي لابد من بعض الخطوات العملية والجريئة، وتحديد الخطوة الاولى لتكون القاعدة الأساس، وتبدأ من توحيد جهود القادة المؤمنين بذلك، ومن تحديد مفهوم الوحدة الاسلامية .  فعلى أرض الواقع لايمكن ان تنجز الوحدة الشاملة بطريقة حرقالمراحل، وانما لابد من التدرج، ومن عبرة التاريخ والتأمل في العصر الذهبي للحضارة الإسلامية سنجد الوحدة الثقافية هي المفتاح الذي تبنى عليه الخطوات التالية، وصولا إلى الوحدة الشمولية للعالم الإسلامي. ولم تتحقق تلك  الوحدة  بقرار سياسي واجباري، وانما هو شعور نما عند  المسلمين بدافع روح الإسلام الذي  قدس العلم واثاب عليه  والغى الفوارق  بين طالبيه . فكان التناغم والتقدم الثقافي أحد أهم مميزات الحضارة الإسلامية التي نجحت في خلق الامتزاج بين كل المكونات العرقية والفكرية التي انطوت تحت لوائها.







 لأن الجميع عمل ضمن الاطار الإسلامي، فالهدف هو خدمة الاسلام، فكانت الصبغة الاسلامية هي سمة كل العلوم التي اشترك فيها الجميع،ولم تكن حكرا على فئة او اقليم .



فمتى كانت الامة موحدة فكريا فانها ستكون قادرة على تخطي العقبات الاخرى، لأن التقارب الفكري سينتج عنه تقارب في الوسائل والاهداف والمعالجات والمنطلقات. وسيعود المجتمع المسلم الذي يتقبل افكار الآخر والاكثر استيعابا لكل الطروحات الفكرية البناءة ، ويقر بالتنوع والتآلف بين البشر، والايمان ان الاختلاف هو سمة كونية ربانية . 







وسيكون من ابرز نتائج هذه الوحدة ان التربية الاسلامية للفرد المسلم ستثمرعن وعي وفهم صحيح لمبادئ الشريعة الإسلامية البعيدة عن الغلو والتطرف ، والبناء على المشتركات، والنظر نحو المفرقات بأنها عبرة يجب تجنبها لأنها أدت إلى الانقسام والضياع والتشويه للهوية الإسلامية بينما الجوهر الحقيقي للدين الإسلامي انه يدعو إلى الوحدة والاتفاق والابتعاد عن التفرقة والاختلاف، مع الإيمان بوجود الاختلاف والتنوع بانه ارادة ربانية، رسمت الشريعة السمحاء منهجا واضحا للتعامل معه، هو التعارف والتسابق في الخيرات والسعي لطلب الخير والحق وعدم الإكراه.

























Rashcمؤلف

Avatar for rashc

مركز احياء التراث العلمي العربي مركز يعنى بالتراث العربي

Comments are disabled.