عنى المفكرون والفلاسفة الغربيون بالبحث في تاريخ الحضارات الانسانية، وسماتها، والمصير الذي الت اليه كل حضارة ، ويضعون النظريات محاولين الوصول الى الاسس التي من خلالها يمكن للحضارة الغربية ان تعيش طويلا ويبقى لها زمام القيادة وكان الدافع وراء تلك العناية هو الخوف على الحضارة الغربية من أن يكون مصيرها الزوال منهم: شبنجلر؛ وصموئيل هنتنغتون؛ وروجيه غارودي …وغيرهم .
. الا ان الملفت للنظر هو ان الحضارة الاسلامية يكون لها مكانة واضحة وقيمة محورية في تلك الدراسات والابحاث التي بنيت عليها تلك النظريات ومن أبرزها
نظرية صراع الحضارات وحوار الحضارت . ولن اتكلم عن فرضياتهما ومحاورهما ولكن باختصار ترى الأولى أن العالم الإسلامي خطر يهدد الحضارة الغربية وسيكون سبب في انهيارها، والثانية ترى فيه خير مثل يمكن أن يحتذى به من أجل أن تستطيع تلك الحضارة أن تدوم مدة أطول
صاحب نظرية صراع الحضارات صموئيل هنتنغتون الذي أصدر في عام 1996م كتاب ” صدام الحضارات وإعادة بناء النظام العالمي ” . والتي ترتكز قاعدتها الاساسية بأن الصراعات المهمة في السياسة الدولية ، ستكون بين الدول والجماعات التي تنتمي الى حضارات مختلفة وستهيمن الصدامات الحضارية على السياسة العالمية ، فالصراع المقبل على المستوى العالمي ، صراع الحضارات ، وإن أكثر الصراعات انتشاراً وأهمية وخطورة ستكون بين شعوب تنتمي إلى هويات ثقافية مختلفة، وإن هذا الصراع حتمي، لأنه سيكون ليس بين القوى العظمى، ولكن بين الحضارات التي يقسمها هنتنغتون إلى ثلاثة أصناف منها : الحضارات المتحدية، وهي الحضارتين الإسلامية والصينية، ويؤمن أن علاقاتهما مع الحضارة الغربية ستكون متوترة ومشدودة وعدائية . فالإسلام بنظره هو العدو الأول للحضارة الغربية.
اذن تؤمن نظرية صدام الحضارات بمركزية الحضارة الغربية، والانحياز ثقافياً وقيمياً لتلك الحضارة ومصالحها الإستراتيجية السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية، فهي تؤمن بالمصالح الغربية فقط، وتجعل للإسلام ” حدوداً دامية ” . لأن الشعوب الإسلامية تحاول البحث عن مشروع حضاري، يكون الإسلام جوهره، والمعطيات الحضارية العالمية أساسه، لذلك يرى أن الإسلام وحضارته يشكل تهديداً للحضارة الغربية.
أما نظرية حوار الحضارت فهي للمفكر الفرنسي روجيه غارودي صاحب كتاب ” من أجل حوار بين الحضارات ” يعد من الرواد في إطلاق مصطلح ( حوار الحضارات ) وهو باختصار يدعو المفكرين والسياسيين الذين يعيشون في كنف الحضارة الغربية إلى الإفادة من الحضارة العربية الإسلامية، لأنها برأيه تمكنت أن تمتد من بحر الصين إلى المحيط الأطلسي في مدة زمنية قصيرة نسبياً . ويرى أن السبب وراء ذلك : ” إن العرب حملوا معهم أشكالاً أسمى وأرفع من التنظيم الاقتصادي والاجتماعي ، فانضم إليهم جماهير الناس في عالم يمارس الاستعباد ويقف في أوج التحلل “
إنه أراد أن يقدم للحضارة الغربية شهادة تتمثل في أن الحوار بين الحضارات هو السبيل الوحيد لميلاد مشروع كوني لاختراع المستقبل . وإن الحضارة العربية الإسلامية هي من الحضارات الرائدة التي تمكنت من مد جسور الحوار بين الحضارات التي انطوت تحت لوائها، فهو يقول : إنه يرغب أن يقدم شهادة ” عن تجربة عالمية عن فرحة الثراء الإنساني الذي مكنتني منه ثقافات غير غربية ورجال من آسيا ومن ديار الإسلام ومن أفريقيا وأمريكا اللاتينية، أن أقدم شهادة عما بحثت عنه، واعتقد أنني اكتشفته من طابع إلهي في كل واحدة من تلك الثقافات، وفي كل واحد من أولئك الرجال “.
وهو يرى أن هناك حاجة ماسة لاستعراض التاريخ بمنظار لا تشوهه أوهام الاستعمار الغربي ولا تبقى أوروبا وحدها مركز جاذبيته، فهو يقدم صورة عن مساهمة الحضارة الإسلامية في التقدم الإنساني، وما تنطوي عليه من قيم عظيمة، فهي تقدم الدواء الشافي لما يعانيه البشر في عصرنا هذا من قلق واضطراب وتدهور
لقد ادرك ذلك السر روجيه غارودي من خلال دراسته لتاريخ الحضارة الاسلامية، وفهم ان الاحترام والتعاون والاعتراف بمبدأ التأثير والتأثر بين الحضارات هو امر طبيعي ، وان الابتعاد عن سياسية الاستعلاء والتكبر والظلم والاعتداء على الاخرين هو الذي يطيل عمر الحضارات ، ووجد ما يؤيد نظريته في الحضارة الاسلامية التي سبقته بقرون بالمناداة بحوار الحضارات .
ويبدو من الضروري القول : ان نظرية روجيه غارودي لحوار الحضارات تختلف في المنهج والغاية فنظريته معتمدة على الانحياز الى الحضارة الغربية ، وغايته التفكير بستراتيجية تديم لها الاستمرار في قيادة العالم و يكفل لها التفوق الحضاري على بقية الحضارات . وحرمان الشعوب الاخرى من النهوض الحضاري ، وهي بذلك تختلف جملتا وتفصيلا عن المنهج القراني الذي امن بالحوار الحضاري من اجل البشرية والانسانية جمعاء بما يكفل لها التعايش السلمي والتعاون والاحترام بينهم .
هناك معاني وتعريفات متعددة للحوار الحضاري الا ان أشمل تعريف لهذا المصطلح ” فهون التشاور والتفاعل الثقافي بين الشعوب والقدرة على التكيف مع الافكار المخالفة والتعامل مع جميع الاراء الثقافية والدينية والسياسية .وتتعدد اهداف الحوار الحضاري منها التعارف والتواصل والتفاعل والاحتكاك الحضاري . كما أنه وسيلة اساسية لتجنب الصراعات ، ومن أبرز مجالات الحوار الحضاري ، المجال الديني ، والمجال السياسي والمجال الاقتصادي …الخ . ”
خروج آخر ملوك المسلمين من الأندلس
في يوم الجمعة 21من محرم سنة 897 هـ الموافق لـ 25 من نوفمبر سنة 1491 قام أبو عبدالله أخر ملوك بني نصر بإمضاء اتفاقية يتنازل فيها عن عرش مملكة غرناطة وفي موجب تلك الاتفاقية وفي 2/1/ 1492م وقبل المولد النبوي بستة ايام اطلقت ثلاث طلقات مدفعية معلنة بدأتنفيذ المعاهدة فخرج أبو عبد الله محمد بن الأحمر الصغير آخر ملوك المسلمين في غرناطة من القصر الملكي، ويسير بعيدًا في اتجاه بلدة أندرش حتى وصل إلى ربوة عالية تُطل على قصر الحمراء فتطلع اليها ولم يستطع أن يتمالك نفسه، فبكي حتى بللت دموعه لحيته، وإلى هذه اللحظة ما زال هذا التل موجودًا في إسبانيا، وما زال الناس يذهبون إليه، يتأمَّلون ويُعرف (هذا التل) بـ زفرة العربي الأخير.
اتفاقية تسليم غرناطة
وحسب المصادر العربية سبعة وستين بند والمصادر القشتالية ستة وخمسين. وهذا الاختلاف يعود الى وجود بنود سرية .بموجب المعاهدة تعهد الملكان الكاثوليكيان بأمور كثيرة منها تامين السكان الصغير والكبير بالمال والروح والاهل وابقاء الناس في اماكنهم ودورهم ومحلاتهم وعقاراتهم ، واقامة شرعيتهم كما في السابق ولايحكم عليهم احد الا بقوانينهم وان تبقى المساجد والاوقاف، وان لايدخل نصراني دار مسلم ولا يغصبوا احد ، وان لايولي على المسلمين الا منهم ولايمنع مصلي ولاصائم ولامؤذن ، ويعاقب من يسخر وينتقص منهم، ولايكرهون على وضع علامة في ملابسهم / ولاتفرض عليهم المغارم ، ولايعاقب احد بذنب غيره، ولا يدخل الاسبان الى مساجدهم ، ولايمنع من اراد العبور الى المغرب بل تهيألهم السفن لنقلوا احرارا ،وان يوافق على هذه الشروط البابا في روما ويصادق عليها. تعهد الملكان على تنفيذ المعاهدة ببنودها وحرفيتها دون زيادة او نقصان مهما كانت الاسباب ، وان تبقى على حالها دون تغير او ابدال الى الابد ،ولايجوز لمن يخلف الملكان او يخلف ابنائهما وحفدتهما ، ان نقض أي من بنودها، وعممت على الوزراء والامراء والرهبان والقادة وصدر مرسوم يهدد كل من يجرؤ على المس ببنودها، كما ادى الملكان فرنادو وايزابيلا وسائر من حرر البنود ، القسم بدينهم واعراضهم ان يصونوا المعاهدة كما هي الى الابد .الا ان ذلك لم يكن فقد وقعت انتهاكات لاانسانية تناولت بقايا العرب والمسلمين ، هدفت اضطهاد المسلمين وارهابهم واكراهم على التخلي عن ديانتهم .فبعد سبع سنين بدأت سياسة جديدة فنقضت الشروط الواحد تلو الاخر. في البداية فرض المغارم ومنع الاذان . واخراجهم للسكان الى القرى والنواحي المجاورة. ولما تبين الاصرار على التمسك بالاسلام جنحت الى سياسة العنف والمطاردة وزاد الامر سوء بوصول رئيس اساقفة خمينيث بدعوة من الملك فريناند فوصل سنة 905هـ/ 1499م. ليكون قائدا للحملات التبشيرية فامر بجمع الفقهاء وحاول اغراهم بالمال والهدايا على اصدار فتوى لاعتناق المسيحية ولم ينجح في ذلك . وزادت تلك الحملات بعد ثورة البشرات في 907هـ/1501م بعد ذلك اصدر الملكان مرسوم بفرض التنصير . او الرحيل الى شمال افريقيا، ومنع دخول المسلمين من المدن والقرى الاخرى . سنة 908هـ/ 1502م واعطى مهلة ثلاثة اشهر لتنفيذ فقسم اضطر للتنصير مجبرا تحت تهديد . والقسم الاخر لجأ الى الجبال ، والقسم الثالث رحل الى شمال افريقيا. وكان هذا المرسوم هو الذريعة لدخول محاكم التفتيش الى غرناطة. التي قامت بمهمة دينية وسياسية . في سنة 914هـ/ 1508م اصدار الملك فرنادو مرسوم بمنع استخدام اللغة العربية ، وارتداء الملابس التقليدية ،وممارسة اية عادات وتقاليداسلامية او عربية ، صدر مرسوم 921هـ/ 1515م يمنع تجمع المنصرين حديثا والعرب المدجنين من اختراق ارض غرناطة ، ويمنع عليهم بيع املاكهم دون ترخيص ، والمخالف يعاقب بالموت والمصادرة .خوانا المعتوه 910 هـ / 1504 توفت ايزابيلا ، ثم زوجها فرديناند 622هـ/ 1516م، وبذلك زادت سيطرة خمينيث الذي اصدر مراسيم تتدخل في الحياة الخاصة للاندلسين منها منع ذبح الحيوانات على الطريقة الاسلامية زواج الرجل العربي من امراءة اسبانيا اصيلة وبالعكس، الزواج على الطريقة المسيحية ، تسليم الكتب العربية عن الدين واللغة والفقة والادب التي بحوزتهم للحرق ومن اخفى كتاب يعاقب بالموت والمصادرة ، فقد أحرق الكردينال “خمينيث” عشرات الآلاف من كتب الدين والشريعة الإسلامية، وصدر أمر ملكي يوم (22 ربيع أول 917 هـ/20 يونيو 1511) يلزم جميع السكان الذي تنصروا حديثًا أن يسلموا سائر الكتب العربية التي لديهم، ثم تتابعت المراسيم والأوامر الملكية التي منعت التخاطب باللغة العربية وانتهت بفرض التنصير الإجباري على المسلمين ، وصدر مرسوم في (16 جمادى الأولى 931 هـ=12 مارس 1524م) يحتم تنصير كل مسلم بقي على دينه، وإخراج كل من أبى النصرانية من إسبانيا، وأن يعاقب كل مسلم أبى التنصر أو الخروج في المهلة الممنوحة بالرق مدى الحياة، وأن تحول جميع المساجد الباقية إلى كنائس
شارل الخامس استغاثوا بالإمبراطور شارل الخامس، وبعثوا وفداً منهم إلى مدريد ليشرح له مظالمهم، فندب شارل محكمة كبرى من النواب والأحبار والقادة وقضاة التحقيق، برئاسة المحقق العام لتنظر في شكوى المسلمين، ولتقرر ما إذا كان التنصير الذي وقع على المسلمين بالإكراه، يعتبر صحيحًا ملزمًا، بمعنى أنه يحتم عقاب المخالف بالموت.
وقد أصدرت المحكمة قرارها بعد مناقشات طويلة، بأن التنصير الذي وقع على المسلمين صحيح لا تشوبه شائبة؛ لأن هؤلاء الموريسكيين سارعوا بقبوله اتقاء لما هوكان الإمبراطور شارل الخامس حينما أصدر قراره بتنصير المسلمين، وعد بتحقيق المساواة بينهم وبين النصارى في الحقوق والواجبات، ولكن هذه المساواة لم تتحقق قط، وشعر هؤلاء أنهم ما زالوا موضع الريب والاضطهاد، ففرضت عليم ضرائب كثيرة لا يخضع لها النصارى، وكانت وطأة الحياة تثقل عليهم شيئًا فشيئًا، حتى أصبحوا أشبه بالرقيق والعبيد، وهم عماد الحياة الاقتصادية .
ولما شعرت السلطات بميل الموريسكيين إلى الهجرة، صدر قرار في سنة (948 هـ=1514م)، يحرم عليهم تغيير مساكنهم، كما حرم عليهم النزوح إلى بلنسية التي كانت دائمًا طريقهم المفضل إلى الهجرة، ثم صدر قرار بتحريم الهجرة من هذه الثغور إلا بترخيص ملكي، نظير رسوم فادحة. وكان ديوان التحقيق يسهر على حركة الهجرة ويعمل على قمعها بشدة. وعلى أثر ذلك صدر أمر ملكي بأن يرغم سائر المسلمين الذين تنصروا كرهًا على البقاء في أسبانيا، باعتبارهم نصارى، وأن ينصر كل أولادهم، فإذا ارتدوا عن النصرانية، قضى عليهم بالموت أو المصادرة، وقضى الأمر في الوقت نفسه، وكان قدر هؤلاء المسلمين أن يعيشوا في تلك الأيام الرهيبة التي ساد فيها إرهاب محاكم التحقيق، وكانت لوائح الممنوعات ترد تباعًا، وحوت أوامر غريبة منها: حظر الختان، وحظر الوقوف تجاه القبلة، وحظر الاستحمام والاغتسال، وحظر ارتداء الملابس العربية. ولما وجدت محكمة تفتيش غرناطة بعض المخالفات لهذه اللوائح، عمدت إلى إثبات تهديدها بالفعل
1598 – فيليب الثالث يعتلي العرش الإسباني بعد وفاة والده؛
1609 – أبريل/ نيسان انعقاد مجلسي الدولة والحرب حيث سيتقرر طرد الموريسكيين من كل إسبانيا.
. – 12 ديسمبر/ كانون الأول: نهاية عمليات تهجير موريسكيي بلنسية رسميا.
1614-1610-تهجير موريسكيي باقي ممالك وأقاليم إسبانيا.
1614- فبراير/ شباط السلطات تعلن انتهاء عملية الطرد للموريسكين .
اليهود
في سنة 1992 اعلن الملك كارلوس الاول عن اعتذار رسمي لليهود السفارديم ، في حفل اقيم في غرناكة بمناسبة الذكرى المئوية الخامسة لسقوط غرناطة حضره الملك ورئيس اسرائيل خاييم هيرزوغ ومختلف الاطياف الدينيةوالثقافية اليهودية والكاثوليكية .
وبحضور عوفاديا يوسف الحاخام الاكبر لليهود الشرقيين في اسرائيل واثناء زيارته للحمراء فتح متحف اليهود في البيازين .