لمناسبة صدور اول رواية عربية عام 1912 في مصر والموسومة ( زينب ) لمحمد حسين هيكل ، اقام نادي السرد في الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق جلسة نقاشية حوارية عن الرواية العربية والعراقية تاريخ محطات مستقبل عصر اليوم الاثنين الماضي قدم للجلسة وادارها د.صبيح الجابر استاذ النقد في كلية الاداب ، حيث استهلها بالاشادة بخطوة نادي السرد باقامة هكذا جلسات من شانها ان تحرك المشهد الثقافي عامة والسردي خاصة ، مستطرداً قد تكون رواية ( زينب ) اول رواية عربية فنية ، اذ سبقتها محاولات عدة بالكتابة الروائية ، منها ماتم اقتباسها من روايات عالمية ، وتغيير الاسماءو الامكان وبعض الاحداث الثانوية ، ومنها ما اقتبس من اعمال روائية ومسرحية وحتى قصصية عالمية وحول الى رواية عربية .
واضاف الجابر : ربما تكون هناك محاولة اولى في الحكي العربي من خلال سرد التراث والفلكور ، او الحكاية العربية فكانت عنتر وقصته مع عبله وهكذا باقي الاحداث والقصص السيرية مضيفاً: حتى الشعر البعض منه كان مشبعاً بالسرد والحكي من خلال وصف الحدث شعرياً، كذلك المجالس الخاصة منها والعامة وما كان يحكي فيها او يسرد من احداث جرت سواء كان بعيداً ام قريباً ، لكن بشكل او باخر ظل فن السرد العربي معتمداً على الراوي حتى ظهرت رواية ( زينب) عام 1921، من ثم تلته رواية واعمال اخرى في العراق مثلاً من خلال محمود احمد السيد ، وفي اليمن ظهرت اول رواية عام 1940 وتلتها اخرى عام 1948.
الروائي شاكر الانباري قال في ورقته التي تحدث فيها عن الرواية العربية ، معتبرا ان مصطلح الرواية العربية ملتبس فهناك من عشرين دوله تكتب الرواية العربية ، وكل دولة لها ظروفها الاجتماعية والثقافية واساطيرها وتقاليدها ، وتطورها العلمي والفكري ، لذلك ارى من الصعوبه القول بوجود رواية اسمها الرواية العربية مبيناً: ان المشترك الرئيس هو اللغة بالياتها وجماليات النحو ووجود روايات اوربية ، فلا يمكن القول ان هناك رواية اوربية فالرواية الفرنسية لها خصوصيتها ، مثلما للرواية الايطالية والاسبانية والالمانية خصوصيتها ايضا.
الانباري اوضح: قد ينطبق هذا الشيئ على الرواية العربية فهناك الرواية المصرية ، والعراقية ، والسورية والليبية والسعودية ، ولو تأملنا بخصائص كل رواية لوجودنا ان الرواية المصرية التي تميل الى قراءة الواقع ، مع اقل ما يمكن من بلاغه وهذا ما نراه في اعمال نجيب محفوظ وصنع الله ابراهيم ، الرواية السورية تعتمد الى الانشائية ، كما في اعمال حيدر حيدر وحنا مينه ، الرواية الليبية ممثله بابراهيم الكوني كانت رواية اساطير الصحراء وخيالاتها ، اما الرواية العراقية ، لدى المؤسسين غائب طعمة فرمان وفؤاد التكرلي ، تلتصق بالحدث المحلي ، بلغه واقعية يقل فيها فيها الانشاء والتداعيات البلاغية ، اذن لو عدنا الى اصل التسمية الرواية العربية فلا شيئ يجمعها سوى اللغة .
واشار الروائي شاكر الانباري ان الاجيال الجديدة الروائيين ذهبت بمغامرتها الروائية الى مساحات اخرى : التركيز على الهم الفردي وابتعدت عن الشعارات الكبيرة سواء كانت قوميه او وطنية ، اي انها راحت تروي سيرة اشخاص مشغولين بحياتهم الضيقه بالدرجة الاساس ، كذلك اللغة بدات تقترب من الريبورتاج الصحفي القصير النفس والجملة السريعه والافكار اليومية ، وهذه ظاهرة في اكثر من بلد عربي . مشددا : قد يكون السبب فشل المشاريع الكبرى والشعارات الشمولية ، والتفات الفرد الى محيطة المحلي ، كما كان للترجمة الواسعه الانتشار بين الشباب دور في الاطلالة على التجارب العالمية ، خاصة في امريكا اللاتينية كذلك التطور التكنولوجيوالاجتماعي بسبب الانفتاح الحضاري على العالم ودخول الفضائيات ووسائل الاتصال وسهولة السفر.
الروائي علي عبد العال تناول في مداخلته الرواية العراقية في المنفي ، مستعرضاً ان اغلب الدول في العالم لديها كتاب وادباء في المنافي ، خاصة تلك الدول التي تشهد احداثاً سياسية واجتماعية قمعية ، او اقتصادية ، الامر الذي يضطر الكثير من الادباء للهجرة بحثاً عن ملاذ لمن ، وحرية اوسع وافق اكبر وهذا ما حصل مع الروائي الكبير فؤاد التكرلي حين هاجر الى تونس بعد ان اخذت السلطات البعثية مضايقته فكتب اربعه اعمال روائية مهمة جدا: مبيناً : ان في العراق اكثر من جيل اعتمر المنافي وكتب الشعر والرواية والقصة ، ومارس التمثيل مسرحا وسينما ، كما مارس الرسم والتشكيل ايضا.
واضاف عبد العال قد يكون الجيل الاول من ادباء المنفي والذي هجر العراق بعد عام 1963 محدوداً بعض الشئ لكن الهجرة الحقيقية كانت بعد عام 1979 حين انفرد البعث بمقاليد السلطة في العراق ، وتسلط على رقاب الناس فكانت الهجرة والمنفي البديل للجحيم العراقي ، فهاجر الادباء والكتاب والمثقفون ، على طوال سنين العقود الثلاثة او الاربعة الماضية ، لكن ارتباطهم ظل مع الوطن والحدث العراقي . مردفا: اما فيما يخص الرواية العراقية في المنفي ، فلم تبتعد عن الهم العراقي وتناولته بشكل حقيقي ، وعرضته على العالم ، اذ تم ترجمة الكثير من الاعمال الى لغات العالمية اخرى ، اذ توزع هذا هذا الجيل من الادباء العراقيين في كل المنافي العالمية واخص بالذكر منهم ، جنان حلاوي ، سلام ابراهيم ، شاكر الانباري نجم والي ، ابراهيم احمد لؤي عبدالله، عبدالله، صخى يوسف، ابو الفوز واخرون عذراً اذ لم تسعفي الذاكرة بذكر اسنهم .
واوضح الروائي علي عبد العال: ان الرواية العراقية بالمنفي وبسبب فسحه الحرية ، كانت مميزة ، وتناولت غالب الهم العراقي ، وهي في ذات الوقت امتداد للرواية العراقية في الداخل ، خاصة تلك التي كانت تقف ضد النظام وحروبه العبثية ، من خلال ما كانت تخبئها بين السطور من نقذ لتلك الافعال التي اودت بالبلد الى ان يحتل .
الناقد بشير حاجم ذكر : ان جميع السرود العربية بما فيها السرد العراقي هي وريث شرعي واحد للحكايات الشعبية والخرافية التي انتشرت في العالم الاسلامي ومنه بلداننا العربية منذ حكايات اسفنديان مستطرداً: اذ كان المصريون قد سبقوا العرب جميعا في اصدار الرواية (( زينب)) عام 1912 فان العراقيين لم يتاخروا عنهم كثيراً في هذا الاصدار، مثلما يقول عبدالالة احمد فهرست القصة العراقية / 1970 ، ان العام 1919 هو العام الذي صدر فية الى الاسواق العراقية اول اثر قصصي كتبه سليمان فيضي وتم نشره بعنوان ( الرواية الايقاظية ) مؤكدا ان هذا الاثر القصصي هو رواية ، وكان يوسف عز الدين من قبلة الرواية في العراق – تطورها واثر الفكر فيها 1973، قد وجدها اول قصه طويله سميت بالرواية ، والحق ان معظم الاعمال الروائية العراقية حتى عام 1970 لاتمتلك حتى صفات الرواية الفنية الافي عدد محدود في صفحاتها.
وبين حاجم : غير ان بعضها سيما من الستينيات قد اشر امكانية تحول الرواية في العراق من الطور التقليدي البلزكي الى الطور التجديدي الفويوي ومن اهمها : الظامئون / غائب طعمة فرمان / ، 1967 وخمسة اصوات / 1967 في السبعينات ظهر عبد الرحمن الربيعي وروايته الوشم / 1972 ، لكن التجديد الحقيقي لم يصب الرواية العراقية الافي الثماينات خصوصا مع فؤاد التكرلي في ( الرجع البعيد) لتستمر بعد ذلك بالتطور حتى ظهرت رواية تحديثية ( بروسيتية ) مثلتها مجموعة من الاسماء الابداعية العراقية ، مثلتها مجموعة من الاسماء الابداعية العراقية ، وميزة هذه النماذج انها اشتغلت على تحديثات الثيمة والبنية والتقنية والجمالية معا.