بالرغم من الظروف التي يمر بها بلدنا العزيز وتفشي جائحة فيروس كورنا وفي ضل توجيهات الجامعة في القاء ‏المحاضرات عبر المنصة الالكترونية ‏
القت م.م.لقاء عامر عاشور التدريسية في مركز احياء التراث العلمي العربي / جامعة بغداد وباشراف مباشر من رئيس ‏المركز الاستاذ الدكتور مجيد مخلف طراد محاضرة بعنوان (عادلة خاتون سيدة سرايا بغداد في عهد المماليك (1749- ‏‏1831م) يوم الاثنين الموافق 1/6/2020 ‏
‏ متحدثة عن ازدهار تاريخ العراق بالكثير من النساء الواتي تركن بصمة مهمة ،وعادلة خاتون من ابرز ‏تلك ‏السيدات كانت جميلة وذكية جمعت بين سيدة محبه لاعمال الخير والتقوى وبين سيدة الحازمة ‏، القوية ،المستبدة ،لا ‏يقف امام طموحها وحبها لسلطة أي عائق استطاعت ان تثبت جدارتها في ‏شؤون الحكم سراي بغداد من مدة حكم ‏زوجها عام (1749م)الى عام وفاتها(1768 م).‏
حكم العراق المماليك للمدة من منتصف القرن الثامن عشر الى الربع الاول من القرن التاسع عشر ‏يكاد تاريخهم يكون ‏منسيا برغم ما أحدثوه من أثر سياسي واجتماعي على مدى عهدهم من عام( ‏‏1749الى 1831م (والمماليك هم في ‏الأصل أطفال وصبيان اشتراهم الوالي العثماني (حسن باشا) ‏من بلاد القفقاس وادخلهم مدارس خاصة في بغداد تعلموا ‏فيها فنون القتال.ولأنهم لا أهل لهم ولا ‏وطن فان ولاءهم وانتماءهم صارا لسلطة من يرعاهم ولقد نجح حسن باشا بان ‏يكون له جند ‏مختصيين به يستعين بهم على اعدائه ،فقام بتأسيس دائرة خاصة اسمها (ايج دائرة سي ) اي دائرة ‏الدخل ‏ومهمتها هي الاشراف على شراء المماليك من تلك البلاد وتدريبهم ،وعندما تولى الحكم من ‏بعده ابنه احمد باشا زاد من ‏استجلاب المماليك والعناية بهم حتى اصبحو قوة لايستهان بهم وبعد ‏وفاته تولى زوج ابنته عادلة خاتون من سليمان ‏باشاالحكم بالعراق وهو اول مملوك وبذلك تبداء ‏حقبة جديدة من تاريخ العراق عرفت بالمماليك.‏
اسمها: عادلة خاتون بنت أحمد باشا ابن حسن باشا
نشأتها:ولدت في بغداد لكن سنة ولادتها غير معلومه غير ان الاستاذ عماد عبد السلام رؤوف رجح ‏ان سنة ولادتها ‏عام( 1717 م) تقريبا ،امها اميرة عربية الاصل تدعى كلرخ خانم ،عاشت عادلة ‏خاتون قي قصر ابيها القريب من ‏سراي الحكم في بغداد الاعوام الاخيرة من حكم جدها القوي حسن ‏باشا هي وشقيقتها الوحيدة عائشة خاتون .قبل ان ‏تتزوج في عهد ابيها احمد باشا.‏
زواجها من سليمان باشا:تزوجت عادلة خاتون عام( 1745م) من سليمان باشا ابو ليلة احد ‏مملوكي ابيها ويرجح ‏المؤرخون سبب زواجها بسليمان الى حادثة عقرقوف أوعكركوف كما تلفظ ‏محليا,منطقة قريبة من بغداد,وصفت ‏قديما بهور واحيانا بغابة,ولأن الاهوار دائما ما ينبت ‏فيهاالقصب ثم تتشكل منه أجمة كثيفة تشبه الغابة, عندما ذهب ‏الوالي احمد باشا والد عادلة ‏خاتون الى هنالك برحلة صيد حيث كان شغوفاً بصيد الاسود وفي هذه الرحلة شاهد اسداً ‏فضربه ‏بالرمح ولكن الرمح انكسر فهم الاسد على الوالي يريد افتراسه فتقدم المملوك سليمان باشا وتمكن ‏من قتل الاسد ‏وانقاذ الوالي من موت محقق وهنا قرر الوالي ان يعتقه و يزوجه ابنته عادلة خاتون ‏لتصبح أول زوجة للمملوك ‏لشجاعته ومكافأة على انقاذ حياة ابيها ‏
وابتدأ سليمان باشا حياته بوظيفة بسيطة في بغداد وتدرج إلى وظيفة خازن لبيت مال ‏الولاية وإلى وظيفة الكهية اي ‏المنصب الثاني بعد منصب والي بغداد .وفي اواخر جماد الاخرة عام ‏‏(1161ه/1748م) تم تعيين سليمان باشا واليا ‏للبصرة وكان من الطبيعي ان تتلتحق به زوجته ‏عادلة خاتون لتعيش في البصرة مدة قصيرة فشاءت الاقدار ان تعود ‏الى بغداد في 27ذي الحجة ‏من عام (1163هـ/1750م) اثر وفاة والدها احمد باشا .وليتم تعين زوجها سليمان باشا ‏والي لبغداد ‏وفقا لرغبة والدها،وبذلك اصبحت عادلة خاتون زوجة الرجل الاول في بغداد .‏
تدخلها في شؤون الحكم ‏
‏ كان تولي زوجها سليمان باشا مقاليد الحكم في بغداد امر من شأنه يحقق طموحات عادلة ‏خاتون ورغبتها ‏الجامحة في ادارة حكم السراي في بغداد فبدأت تتدخل في شؤون الحكم واصبحت ‏الموجة الرئيس، فلم يكن دورها ‏مقتصر قبول التوسط بعض الناس لديها لنقل رغبتهم الى الوالي او ‏التدخل في تعيين موظف احيانا او عزله،كما كان ‏مؤلوف في عصرهم وهذة ادوار كانت تقوم بها ‏نساء الولاة .‏
بل اختارت ان تكون المحرك الاساسي في شؤون الحكم بل انها كانت من يقرر وسليمان ‏باشا ينفذ رغم كل مايمتلكه ‏من صفات الشجاعة والاستبداد والقوة . لكنه اطلق يدها في جميع ‏شؤون الحكم دون التدخل هو في أي منها حتى علت ‏كلمتها واصبحت هي العليا وكان يسمح لها ‏بنقض قراراته جميعا،فضلا عن قرارات مساعديه (الكتخدائيين) كان ملبيا ‏لكل طلباتها ليس ضعفا ‏بل تقديرا لأرائها واحترامه لاسلوبها في العمل فهي كانت الداعم الاكبر له من اجل تثبيت ‏اقدامه ‏في السلطة فهنالك حقيقة لم تغب عنه وعنها انه كان مملوك لوالدها واعتقه .وهذا سبب كافي ‏ليكون مرفوض ‏من قبل الكثيرين بان يتولي السلطة في ظل تعدد الولاءات ،وتضارب مصالح كبار ‏الموظفين وتردد زعماء القبائل في ‏تأييد النظام كان لابد من تكوين تكتل شعبي يسند الحكم ‏لسليمان باشا فأخذت عادلة خاتون على عاتقها المضي في هذه ‏المهمة الصعبة واستطاعت بذكئها ‏وحنكتها من تثبيت اقدامه في السلطة فلقد تمكنت من كسب تأييد الاغوات (وهم ‏الضباط ‏والموظفين الكبار )وزعماء القبائل العربية حيث امرت زوجها بتقديم الهدايا من الفراء للاغوات ‏والعباءات الي ‏شيوخ القبائل بل انها سعت تكوين مايشبه ان يكون تنظيما ينظم فيه كل ‏الموظفيين والاغوات الذين اثبتو كفائتهم ‏ومدى اخلاصهم لابيها احمد باشا وجدها حسن باشا ‏فكانت تهدي هؤلاء اغطية للراس من الحرير تنسج خصيصا لهذا ‏الغرض وتميزهم عن غيرهم اثناء ‏الاحتفالات والمهرجانات الرسمية كان الحصول على تلك الهدايا يعد تشريفا لهم ‏ينالون بها احترام ‏الناس . لتبدأ اولى خطواتها في التدخل في شؤون السراي فلقد عمدت بالاتصال المباشر ‏بالناس ‏والاستماع لشكواهم وتحكم بينهم بنفسها وتحديد ايام خاصة بالمقابلات وعقد الاجتماعات ،وكان ‏لهذة ‏الاجتماعات اثرها الكبير في زيادة نفوذها ومعرفتها بكل مايدور بالبلد‎.‎
لم يقتصر دورها في التدخل بالشؤون الادارية للولاية بل امتدت للشؤون العسكرية للبلاد فلقد ‏حرضت زوجهاعلى ان ‏يقود حملة كبيرة للقضاء على تمرد سليم باشا الباباني،والكثير من الحملات ‏العسكرية .كذلك كان لها دور بتحريض ‏زوجها لقتل زوج شقيقتها بتهمة الخيانة .وما كان من ‏سليمان باشا الا ان ينفذ اوامرها حتى توفي عام ‏‏1175هـ/1761م.‏
لتبدأ عادلة خاتون بعد وفاته مسار اخر في فرض سيادتها على البلد فاخذت تتامرعلى كل ‏من يتولي الحكم ويحاول ‏الحد من نفوذها وكان لها دور كبير في تعيين الولاة وعزلهم .حتى توفت ‏‏( 1182هـ/1768م). عن عمر تجاوز ‏الخمسين عاما دفنت عند قبر ابيها احد باشا وجدها حسن ‏باشا قرب ضريح الامام الاعظم في بغداد ،.تاركة خلفها الكثير ‏من اعمال البر والتقوي والتي ‏يمكن ايجازها بالاتي :-‏
‏1- جامع العادلية الصغير :تم انشائه عام 1160هـ/1747م، في بغداد قرب سوق الصفارين ، ‏تم بنائه إحياء لذكرى ‏والدتها كلرخ خانم قال عنه السيد محمود شكري الالوسي هو مسجد ‏صغير حسن الموضع تقام فيه الجمع والاعياد ‏وسائر الصلوات ، وتداعي للسقوط فجدد ‏عمارته متولي اوقافه عام (1900م)، وتمت ازالته فيما بعد لغرض توسيع ‏الشارع المؤدي الى ‏جسر الشهداء.‏
‏2- جمع العادلية الكبير :تم انشائهاعام 1163هـ/1168م. بعد سنوات قلائل من انشاء جامعها ‏الصغير ولقد نال الجامع ‏عناية فائقة يقع على شارع النهر تجاة دار المحكمة الشرعية .ولقد ‏اعاد متولي الوقف بناء الجامع كليا عام 1937 ‏ومازل الجامع عامر بالمصالين الي يومنا ‏هذا.‏
‎3‎‏-المدرسة العادلية :الحقت عادلة خاتون بجامعها المسمى جامع العادلية الكبير مدرسة تشغل ‏عددا من الغرف في ‏الطابق الاعلى من الجامع ،وضمت اليها خزانة للكتب لتكون عوناً ‏لطبتها ومدرسيها على حد سواء.وخصصت رواتب ‏مجزية للمدرسين وميزت طلابها بجعل لهم ‏اشارات (باجات خاصة ) يحملوها على صدورهم مكتوب عليها طلبة ‏المدرسة العادلية في ‏بغدادوقامت بالاشراف بنفسها على شؤون المدرسة.‏
‎4‎‏- المحكمة الشرعية في بغداد:من اهم المنشأت التي قامت عادلة خاتون بتشيدها مقابل ‏جامعها المعروف بالعادلية ‏الكبير،من الجهة الاخرى لشارع النهر (المستنصرية)وشرطت ان ‏تكون محلا للقضاء ولسكن القضاة ،وقد عرف بيبت ‏القاضي. ‏
‎5-‎سقاية عادلة خاتون : انشأت سقاية كبير لتزويد جامع العادلية الكبير والمنشأت المجاورة ‏،فضلا عن سائر الناس ‏،بمياه الشرب وكانت تلك السقاية تتالف من بئر عميقة تقع عند ‏شاطى النهر ،وقد ثبت فيها دولاب (كرد) تحركه ‏الدواب ،فيرفع الماء من البئر الى قناة عالية ‏،مبنية على عقود فيجري الماء فيها حتى يصل حوض خاص في الجامع ‏،يسقى منه الناس ‏دون ان تسميه يد سقاء قط.وقد أوقف العمل في الكرد بعد تزويد الجامع والمنشأت الاخرى ‏بالماء ‏الصافي بواسطة الانابيب. ‏
‎6-‎خانات تجارية في بغداد:انشأت ثلاث خانات في الاقل ببغداد ،لتكون مستغلات للانفاق من ‏وارداتها على منشئاتها ‏الدينة والعلمية الاخرى ،منها خان العادلية ،وهو خان كبير قرب جامع ‏العادلية الكبير في شارع النهر وخان في محلة ‏الصفافير،واخر قرب الجسر.‏
‎7-‎خان عادلة خاتون في قوش تبه:لم تقتصر بإنشاء خانات فقط في بغداد بل امتددت لمناطق ‏اخرى من العراق ومن ‏بينها قرية قوش تبه التي كان لأبيها فضل في تاسيس هذه البلدة، ‏فأمرت بتشيد خان لتاميين الرحة للمسافرين ‏والمستتطرقين

RashcAuthor posts

Avatar for rashc

مركز احياء التراث العلمي العربي مركز يعنى بالتراث العربي

No comment

اترك تعليقاً