‏ شاركت الدكتورة خمائل شاكر الجمالي رئيس قسم توثيق بغداد في مركز احياء التراث العلمي العربي / ‏جامعة بغداد ا في المؤتمر العلمي الدولي الثالث ( الأمن الحياتي في حكومة الإمام علي (عليه السلام) ‏المجالات ، الوسائل ، التطبيقات) الذي أقامته مؤسسة علوم نهج البلاغة في 13/ رجب / 1442 ه ‏الموافق 26/2/2021 . بالبحث الموسوم ( العدالة الاجتماعية عند الإمام علي بن أبي طالب(عليه ‏السلام) متحدثة ‏
يؤكدّ الإمام علي ( عليه السلام ) على الاهتمام بالسنن الصالحة للمجتمع ويرفض إن تنقض مثل تلك ‏السنن أو يحدث بها أضرار ( ولا تنقض سُنة صالحة عما بها صدور هذه الأمة واجتمعت بها الألفة ‏وصلحت عليها الرعية ولا تُحدثن سنة تضر سنة بشيء من ماضي تلك السنن فيكون الأجر لمن سَنها ‏والوزر عليك بما نقضت منها ، وأكثر مدارسة العُلماء ومُناقشة الحُكماء في تثبيت ما صلح عليه أمر ‏بلادك وإقامة ما استقام به الناس .‏
‏ وهنا يؤكد الإمام ( عليه السلام ) على السُنة الصالحة فقط ؛ لأنها الأكثر أثراً في النفس وبها سارت ‏الأمة بالمنهج الصحيح فالمجتمعات البشرية التي لديها تراث حضاري ضخم هي أكثر المجتمعات ثقافة ‏وعلماُ لكن الظروف التي مرت على بعض تلك الشعوب من حروب دامية وسيطرة أجنبية وأيام قاحلة ‏سوداء مظلمة واقتتال طائفي وقومي بعيد كلّ البعد عن القيم الإنسانية أدى إلى خمود حركة تلك الشعوب ‏ودمارها ؛ إذ أصبح من العسير عليها أن تنهض مرّة أخرى بل تراجعت وتخلفت ؛ فيُشير الإمام علي ( ‏عليه السلام ) إلى البُعد الثقافي والحضاري للشعوب وأثره في النظرة الاجتماعية للوالي اتجاه رعيته ، وما ‏نلاحظه الآن هو كثرة اهتمام الدول بماضي الأمم وحضاراتها وتراثها وقد سارت على هذا النهج الكثير من ‏الدول واهتمت بالتراث الشعبي من حيث الأزياء وفنّ العمارة والمساكن والآداب فضلاً عن الفنون الشعبية ‏والصناعات اليدوية المحلية وأخذت تطورها وتبعث فيها الحياة من جديد لتبرزها إلى الشعوب وتفتخر بها ‏وتصرف الأموال الطائلة عليها من اجل ذلك، “ولازال الكثير من الشعوب يعتز بتراثه وأمجاده وهي ‏وسائل دفع معنوي لتلك المجتمعات للنهوض والتقدم وما من شعب بدّل ثقافته وتراثه وطرحهما جانباً ‏واستعاض عنهما بأفكار وثقافات دخيلة إلا وبرز الخلل فيه وانتشر الفساد ولم تعمر البلاد فالتقدم ‏الحضاري لا يعني تدمير أفكار الشعوب أو إفساده وترك كل ما هو خير وصالح فالحضارة والتقدم لا ‏تتنافى مع السُنن الصالحة وحفظ التراث بل العكس ؛ إذ تعتز بتراث تلك الشعوب في جميع جوانب ‏حياتها الاجتماعية والمحافظة عليها” .‏
‏ فيُشير الإمام علي ( عليه السلام ) إلى احتمال إن تطغى على ذات الإنسان الحاكم حالة من رفض لما ‏سنّه من كان قبله على سدّة الحكم لتداخل عوامل عديدة منها : الطموح وحب الذات ، والظهور بمظهر ‏المصلح والاغترار بالنفس أو الكره لما هو موجود بحيث يدفعه ذلك إلى ترك العمل بما وضعه أو سّنة ‏من كان قبله أو ما صلح عليه أمر الرعية ، فالمجتمعات لها سُنن انتقلت إليها تعاقباً ، أو سارت عليها ‏من جيل إلى جيل . ويعدّ إن النظام الاجتماعي هو الطريق الأمثل لإقامة نظام الدولة الذي يحقق العدالة ‏للناس ووصولهم جميعاً إلى غاياتهم المنشودة وتلبية حاجاتهم ؛ لذلك على السلطة السياسية في المجتمع ‏الإسلامي يترتب وبشكل مطلق التمسك بضرورة قيام مجتمع صالح ومتماسك وفق ضوابط وقوانين مقررة ‏وأهداف وغايات مرسومة وتعيين القرارات وترسيخ الخطط والمسارات والبرامج لإدارة شؤون المجتمع ‏وتوجيهه نحو الأهداف المعنية ثم إن مهمة الحكومة والنظام لا تقتصر على أمور السياسة والقضاء في ‏نزاعات الناس وتوزيع ما في بيت المال بالقسط وغيرها من مسائل الإدارة والنظم لا بل من أهم مهماتها ‏هو قيام نظام اجتماعي إسلامي متعاقد متكافل متماسك يكون ميزان التوازن بين أعضاءه فيجب إن ‏تكون هذه الحكومة، حكومة تؤسس قيماً اجتماعية عملية لا نظرية ومجرد أراء ويجب إن تحتل مكاناً في ‏قناعة أفراد المجتمع وتهيمن عليها ثقافة التربية الاجتماعية وصولاً إلى السعادة البشرية ؛ إذ كانت حكومة ‏الإمام علي(عليه السلام) تعمل دوماً على إقامة المجتمع الصالح إذ سعت إلى استكمال شروط قيام نظام ‏اجتماعي متكامل ونموذجي وقوي، من اجل إقامة الحكم الإسلامي بالنموذج الذي يطرحه ( عليه السلام ) ‏بتغيير الظروف الاجتماعية السائدة قبل أيام حكمه واعتبر(عليه السلام ) إن التدبير الحكومي للمجتمع ‏من الواجبات الأولية الركنية في الدين وضرورة أساسية للنظام الاجتماعي .‏
‏ و يحث الإمام علي (عليه السلام ) في حكومته على إتباع سياسة الاتصال المباشر مع الجماهير وعدم ‏الاحتجاب عنهم وسماع كلامهم والتحدث إليهم بشكل مباشر وهذا واضح في منهجه (عليه السلام ) إذ ‏قال: (( لا يكن لك إلى الناس سفيرٌ إلا لسانك، ولا حجاب إلا وجهك، ولا تحجبن ذا حاجة عن لقائك بها، ‏فإنها إذا ذُيدت عن أبوابك في أول ورودها، لم تحمد فيما بعد على قضائها) .وفي الختام شكر القائمون ‏على المؤتمر الدكتورة خمائل على بحثها المتميز واهدائها كتاب شكر وتقدير وشهادة مشاركة متمنين لها ‏دوام الموفقية والنجاح خدمة لعراقنا الحبيب…

RashcAuthor posts

Avatar for rashc

مركز احياء التراث العلمي العربي مركز يعنى بالتراث العربي

No comment

اترك تعليقاً